أبسط جواب يأتيك عند سؤالك عن ما هو الزومبي هو أنهم “الأموات الأحياء”، ولكن هل تعلم ما هو تاريخ الزومبي الحديث وما هي الثقافة المتفرعة عنهم؟ وما هي علاقتهم بنا نحن “الأحياء الأحياء”؟
تحذير: هذا الموضوع قد لا يناسب أصحاب القلوب الضعيفة!
أبسط جواب يأتيك عند سؤالك عن ما هو الزومبي هو أنهم “الأموات الأحياء”، ولكن هل تعلم ما هو تاريخ الزومبي الحديث وما هي الثقافة المتفرعة عنهم؟ وما هي علاقتهم بنا نحن “الأحياء الأحياء”؟
تحذير: هذا الموضوع قد لا يناسب أصحاب القلوب الضعيفة!
أيّما اخترنا فالخير فيه لطالما لم نركن لليأس والاستكانة، ظلمات وحواجز بالطريق؟ ومالضير في ذلك؟! ومن قال بأن طريق المجد مفروش بالورود؟ اطمئن يا شعب وتجلّد… والأهم من ذلك… استعر لنفسك “خلقاً” يعينك على الطريق.
قصص الهوى قد أفسدتك .. فكلها
غيبوبةُ .. وخُرافةٌ .. وخَيَالُ
الحب ليس روايةً شرقيةً
بختامها يتزوَّجُ الأبطالُ
لكنه الإبحار دون سفينةٍ
وشعورنا أن الوصول محال
هُوَ أن تَظَلَّ على الأصابع رِعْشَةٌ
وعلى الشفاهِ المطبقات سُؤالُ
هو جدول الأحزان في أعماقنا
تنمو كروم حوله .. وغلالُ..
هُوَ هذه الأزماتُ تسحقُنا معاً ..
فنموت نحن .. وتزهر الآمال
هُوَ أن نَثُورَ لأيِّ شيءٍ تافهٍ
هو يأسنا .. هو شكنا القتالُ
هو هذه الكف التي تغتالنا
ونُقَبِّلُ الكَفَّ التي تَغْتالُ
– نزار قباني
In celebration of its constitution golden jubilee Kuwait set a new world record for the largest ever fireworks display. I was among a group of photographers invited by the Kuwaiti Coast Guards to cover the display from the sea, which gave us a unique view of the whole display.
The world’s largest ever fireworks display | اليوبيل الذهبي للدستور الكويتي from Moayad Hassan.
The video was shot with a Canon 5D Mark II with a Canon 50mm f/1.2 and Canon 100mm f/2.8 IS Macro. Edited with Final Cut Pro X, which after the latest update finally started to work nicely. I used CHV Repair FX 2 to clean the high ISO noise and to remove what looks like a dead pixel.
لا أستطيع أن أتقبل الفكرة الشائعة بأن الأزمات هي عدوة التنمية والتقدم والتطور البشري، الكثير من الشعوب تستخدم (اًو يستخدم لها) عذر مرورها بأزمات اقتصادية أو سياسية أو حتى إنسانية كشماعة لتبرير ما تعانيه من تخلف اجتماعي أو ثقافي أو علمي، أوردت في مقال الصورة الكبيرة مثال شماعة الغزو التي كنا في الكويت في فترة التسعينات نستخدمها كمبرر لجميع مشاكلنا من مبانينا المتهالكة حتى ارتفاع نسبة الطلاق وانتشار “العادات الغربية”، وهذه الشماعات نراها مستغلة في العديد من مناطق العالم المتأخر حضاريا (أكره استخدام هذا المصطلح ولكني الجأ له هنا لأسباب يطول شرحها)، الدول العربية مثلا ظلت تلوم الحروب والاستعمار والتأثير الصهيوني وتسلط الحكام الديكتاتوري وتعتبر هذه العوامل من أهم أسباب تخلفها الحضاري، كذلك الأمر في الدول الأفريقية والكثير من الدول الآسيوية بشكل أو بآخر، هذه الأزمات والمشاكل بالتأكيد أثرت بشكل جدي على حياة هذه الشعوب لأنها تمس اقتصادها واستقرارها السياسي وحتى أمنها، ولكن هل هناك علاقة مباشرة بين شل هذه الأزمات “لماديات” البلد وبين شلها “لعقول” شعبه؟
الحربين العالميتين ونسبية الحاجة
الحربين العالميتين هزتا أوربا وشلتا اقتصاد دولها.. بل واقتصاد العالم أجمع (بما في ذلك الكويت)، طاقات الدول استزفت في سبيل المجهود الحربي ولم يتبق للناس من الأموال الا ما يسد الرمق، هناك تقليد في بريطانيا وقت الكريسميس بأن توضع للأطفال في جورب الهدايا “برتقالة”، أصل ذلك التقليد – كما تذكر بعض الروايات – يرجع لأيام الحرب العالمية الثانية حيث كان الآباء لا يملكون المال لشراء الهدايا الثمينة لإسعاد أطفالهم بالمناسبة فيلجأون لتقديم برتقالة كبديل لذلك! أثناء هذه الفترة العصيبة من حياة البشرية لم يكن هناك مجال للترف ورغد العيش، حتى التجار وملاك المصانع والمزارع كانت تمارس عليهم الضغوط من قبل الحكومات للمشاركة بالمجهود الحربي، لكن هل معنى تعطل الترف أن التنمية الحضارية أيضا توقفت؟ هل انتظرت البشرية الحرب لتنتهي قبل أن تمارس الإبداع والابتكار؟
من الكليشيهات المتداولة هي مقولة أن الحاجة أم الاختراع، وذلك ليس دائما صحيح حرفيا برأيي، فالحاجة بالنهاية أمر نسبي كما سأوضح لاحقا، العلوم مثلا خلال فترة الحربين العالميتين تطورت بشكل خاص لخدمة الحرب في مجالات الطيران والمواصلات والاتصالات والملاحة الحرية والطب بالإضافة لصناعة الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، كما تم تطوير المصانع وخطوط الإنتاج لتواكب الطلب الكبير على المنتجات الحربية، هذا التطور العلمي والتكنولوجي بالطبع لم تقتصر فائدته على الحروب فقط، فبعد انتهاء الحرب تمت إعادة تأهيل هذه الصناعات والتكنولوجيات لصالح الخدمة المدنية للبشرية، الكثير من المصانع التي كانت تصنع الدبابات والطائرات الحربية أثناء الحربين تصنع اليوم أرفه السيارات وأحدث الطائرات المدنية، أضف لذلك الأدوية والعلوم الطبية التي طورت لعلاج الجنود ووقايتهم من الأمراض وآثار الحروب الكيماوية والبيولوجية التي إما إنها مازالت تستخدم إلى الآن أو كونت نواة للعلوم المستخدمة ليومنا هذا، هل هذه العلوم والتكنولوجيا الحربية حاجة أم ترف؟ برأيي أنها تجمع الإثنين معا، قد ينظر لها على أنها حاجة من أجل تحقيق غاية حفظ الأرواح والإنتصار بالحرب، ولكن حتى بدون تطوير هذه العلوم فإن الحرب ما كانت لتقف، كان بالإمكان الإستمرار بحروب السيوف والبنادق البدائية – كما كانت حالتنا كعرب ومسلمين في تلك الفترة – دون وجود “حاجة” للتطوير، إذن الحقيقة التاريخية تبين لنا أنه كان هناك اختيار وقرار لتطوير الذات، البعض آثروا أن يستمروا بالتطور والإبداع رغم ظروفهم الصعبة وآخرين لم يفعلوا ذلك رغم تشابه الجميع من ناحية “الظروف”، فريق اعتبر العلوم “حاجة” تمخضت عن اختراعات ساهمت في نصرته العسكرية، وفريق ربما اعتبر حاجاته عبارة عن أموال وأراض ومحظيات أو اعتبرها عقائد وأخلاقيات وقيم تمخضت عن قصص وأمجاد وتضحيات، كلا الفريقين ركزا على حاجاتهما ففازا بها… فهنيئا لكل فريق بما فاز.
لو كان التطور مقتصرا على العلوم والتكنولوجيا الحربية لكان الأمر منطقيا وأبسط تفسيرا، لكن التنمية الحضارية التي أريد التركيز عليها في سلسلة مقالاتي هذه لا تقتصر على ذلك، هل توقف تطور العلوم الإنسانية أثناء الحرب في أوربا؟ ماذا عن الأدب؟ ماذا عن الفن؟ سأخصص لفن وفناني الحروب مقالا منفصلا، لكني سأركز الآن على تطور “الفكر” الفني كأحد مجالات الفكر الإنساني خلال وبعد فترة الحربين العالميتين.
النسيج
يجب الأخذ بعين الإعتبار بأن الفكر الإنساني لا يمكن أن يقسم على شكل فترات أو مراحل منفصلة، أي إننا عند الحديث عن الفكر الإنساني المتعلق بالحرب فإن هذا الفكر لم يهبط من السماء أثناء تلك الفترة لينقطع بعد انتهائها، بل يعني أن الحرب كانت واحدة من العوامل التي أثـّرت على مسار خيوط النسيج الفكري، ذلك النسيج مترابط ومتداخل وممتد دون انقطاع منذ بدأ التاريخ إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، لا يمكن لخيوط هذا النسيج أن تقف.. بل إنها مستمرة بالحركة وإن تغير اتجاهها ومدى تعقدها و”تكلكعها”، الحروب والأزمات تدخل كمؤثر على مسار الفكر وتتفاعل مع مقوماته الراسخة كالتاريخ والدين والاقتصاد والتجانس الاجتماعي والتقدم العلمي وغيرها من مكونات الفكر (أو الثقافة)، فالفكر الإنساني هو خليط معقد متعدد المكونات ولا يمكن اختزاله بمؤثر واحد أو حده بزمن أو رقعة جغرافية ضيقة، ذلك الخليط “الهجين” يجعل من الفكر والثقافة “عملية” مستمرة دائمة الحركة وليس “نظاما تربويا” جامدا. تجاهل هذه الفقرة.
مؤثر الحرب
أثرت الحربين العالميتين على الفكر الفني بشكل كبير، ففي حين كان الفنانون الغربيون يجاهدون للتخلص من قيود الفنون الأوربية الكلاسيكية بجمود مواضيعها ورتابة تشكيلاتها من خلال اختراع حركات فنية جديدة ثائرة عليها (كالتأثيرية والرمزية) جاءت الحرب لتنسف فكرة الفن من أساسها! الحرب بما صاحبها من فوضى وتحطم لآمال الإنسانية كانت محفزا ساهم في تسريع وتضخيم الثورة الفنية التي كانت قد ابتدأت في نهايات القرن التاسع عشر، قد يتوقع البعض بأن أزمة شديدة كالحرب العالمية الأولى كفيلة في القضاء على أي أمل في تطور “ترف” فكري كالفن، فهاهي الناس تموت تحت نيران القصف والشعوب تشرد والمدن تدمر والقرى تحرق والأطفال تجوع… فمن هو ذلك “الفاضي” الذي تحت وطأة كل ذلك عنده مزاج لأن يرسم وينحت ويبدع؟! ومن تحت وطأة كل ذلك لديه من العقل ليس فقط لدراسة الواقع.. بل لتطويره والنهوض به؟ بالنسبة للعلوم فقد افترضنا جدلا أنها كانت حاجات ولدت اختراعات، لكن الفنون – جدلا أيضا – عقيمة لا تلد… لأنها ليست حاجة، أليس كذلك؟ لا أظن، كونها تطورت خلال الحرب (كما سأثبت لاحقا) فهذا يعني أحد أمرين: إما أن مبدأ “الحاجة أم الإختراع” مبدأ خاطئ، أو أن الفنون هي بالفعل حاجات ضرورية وليست من الكماليات! سأترك لكم اختيار أحد هاذين الافتراضين وسأنتقل إلى ضرب أمثلة على تطور الفن أثناء الحرب وبعدها.
دادا وما بعدها
لعل واحدة من أشد الأفكار الفنية تأثرا بالحرب كانت “الدادية”، كلمة الدادية أو الدادا ليس لها معنى، فهي فكرة تخالف المعنى أصلا وتقف ضده، هي حركة فوضوية، فكما أن الحرب بالأساس سخافة لا معنى لها جاءت هذه الفكرة وكأنها تردد قول أبي العتاهية:
إنما الدنيا على ما جبلت .. جيفة نحن عليها نصطرع
من أبرز فناني هذه الحركة وروادها هو مارسيل دوشامب ، Marcel Duchamp أحدث دوشامب ضجة عندما شارك في معرض جمعية الفنانين المستقلين عام ١٩١٧ بعمل عبارة عن مبولة (مكرم السامع)… وليته كان قد صنعها بنفسه.. بل انه اشتراها من السوق ووقعها (أو تم توقيعها له) وسلمها للجنة المعرض بعد أن أطلق على العمل اسم “نافورة”، ما قام به دوشامب يمثل انقلابا على النظرة التقليدية للفن، ففي حين كان ينظر للفنان في الغرب على انه هو المبتكر والمبدع وهو من يفرض رؤيته على الجمهور حاول دوشامب تغيير هذه النظرة ليؤكد على أهمية “الجمهور” في إدراك قيمة العمل الفنية، نافورة دوشامب مثلا لا يمكن اعتبارها عملا فنيا إلا إذا آمن المشاهد بأنها كذلك، وكلمة المشاهد هنا تشمل راعي الفن ومنظم المعارض والناقد بالإضافة إلى المشاهد العادي.
فكرة دوشامب هذه لم تقف عند هذا الحد بل استمر نقاشها ونقدها وتطورت حتى أتحفنا رولاند بارت Roland Barthes في الستينات من القرن العشرين (بعز أيام الحرب الباردة) بمقالته الشهيرة “موت المؤلف Death of the Author”، والموت هنا ليس حرفيا… بل إن ما يقصده بارت هو موت أهمية المؤلف أو مبدع العمل، يرى بارت بأن جميع العناصر المكونة للثقافة (كاللغة مثلا أو عناصر العمل الفني) عبارة عن رموز مكررة موجودة بالطبيعة ويستطيع الكل إدراكها والتعامل معها، ما يقوم به المؤلف أو الفنان هو مجرد خلط لهذه الرموز، لذلك فالمؤلف لم “يخترع” شيئا جديدا… فهو مجرد خلاط! وهذا الأمر تستنتج منه عدة أمور.
ألم تشاهد يوما عملا فنيا “سخيفا” عبارة عن شوية شخابيط يباع بمئات آلاف الدولارات؟ ألم تفكر يوما “حتى ولدي الصغير يعرف يسوي جذي!”؟ وهذا تفكير سليم.. ولدك الصغير قد يعرف أن ينتج عملا مشابها… وأنت أيضا تستطيع أن تنتج عملا أفضل منه… ولكنك لم تفعل! الأفكار موجودة ومتاحة للجميع كما ذكرنا… ولكنك – كمؤلف – لم تكن متواجدا لتقوم بذلك… لكن الفنان بو الشخابيط هو من سبقك إلى تأليف خلطة الأفكار تلك وجسدها بشكل عمل فني له قيمة تقدر بمئات آلاف الدولارات.
فكرة أخرى تستنتج من نظرية بارت هي أن معرفة الفنان نفسه وتاريخه وخلفيته الثقافية وحالته النفسية جميعها أشياء غير ضرورية، المهم هو العمل المراد دراسته وليس منتِـج هذا العمل والبيئة التي خرج منها، لذلك يجب التركيز على رموز العمل ذاتها ومحاولة إدراكها كما هي حسب فهمنا لها، هذه الفكرة تناقض الكثير من الأفكار النقدية السابقة لها مثل المونوجرافية التي تدرس سيرة المؤلف (وهي منتشرة بثقافتنا العربية بشكل كبير جدا!) أو الإجتماعية الماركسية التي تدرس تأثير الحالة الطبقية أو النفسية الفرويدية التي تدرس تأثير نفسية الفنان وعقده على أعماله… والعديد من النظريات النقدية الأخرى.
المخاض
شخصيا قد لا أتفق مع كلام بارت ولي عليه عدة مآخذ ليس هنا مجال ذكرها، ولكن ما يهمنا هنا هو مبدأ استمرارية التطور في الفكر النقدي وتأثر النقاد والفنانين ببعضهم البعض، ذلك التطور الفكري – وهو أحد أهم أسس التقدم الحضاري – كما شاهدنا وسنشاهد بمقالات قادمة لم يتوقف أو يتراجع بسبب أزمة أو حرب، الفكر والفن والأدب والنقد وحتى العلم ليسو ترفا يركن جانبا إذا ما جاع الإنسان أو خاف أو اكتأب وتحبط، بل هي حاجات ضرورية لا تنفك أن تلد الإختراع تلو الآخر، من ينشد تقدما حضاريا لا ينتظر حتى “تهدأ” الأمور ويعم السلام والاستقرار وتحل الأزمات ويفرجها الله ويزورنا المهدي أو سوبرمان… ويصحى الحبيب! بل العكس تماما… الأزمات والحروب والضوائق كانت دائما ملهمة الفنانين والأدباء والشعراء على مر العصور، من نهض وبادر وتحرك وقت الأزمات هو من مازال يذكره التاريخ، ومن رعى واهتم ونجح في تشجيع هذه الحركات هو من انتصر، أما من آثر الجلوس في مقعد الاحتياط بانتظار الفرج فلم يترك لنا أثرا نذكره به، تلك الحقيقة البسيطة هي أوضح ما يمكن أن نقرأه في التاريخ، وإن لم ننتبه لهذه الحقيقة فإننا لا نكون قد استفدنا من قراءاتنا سوى شعورنا اللحظي بنشوة الأمجاد الزائلة… والحضارة لا تبنى بنشوة.
في خضم الحرب الأهلية الإسبانية طائرات من قوات الجيش الألماني والإيطالي الفاشية تقصف القرية المسالمة مخلفة مئات القتلى ودمارا شاملا لها، أخبار وصور الدمار تنتشر في الصحف العالمية، كارثة إنسانية مرعبة!
كردة فعل على هذه الكارثة.. الحكومة الإسبانية تكلف فنانها بابلو بيكاسو برسم عمل فني يعبر عن حجم المأساة ليتم عرضه خلال معرض باريس الدولي.
النتيجة: أحد أعظم الأعمال الفنية الإنسانية في تاريخ البشرية
العمل عبارة عن جدارية زيتية ضخمة (أكثر من سبعة أمتار عرضا وثلاثة طولا) إمتازت بألوانها السوداء القاتمة، لم يحمل بيكاسو هم نقل العمل إلى باريس لأنه كان يعيش فيها وقت ورود خبر الكارثة إليه، لذلك بيكاسو لم يشهد الحادثة ولكنه شاهد صورها بالصحف الباريسية.. ولعل هذا يمثل أحد تعليلات اختياره للتون الأسود تأسيا بالصور أحداية اللون التي طالعا بالجرائد.
تحوي اللوحة على العديد من الرموز المعبرة عن المأساة، المباني المحترقة، النساء الباكيات، أناس في أوضاع ما بين الهلع والألم والموت، حصان يصرخ، أضواء لمبة وشمعة، ثور إسباني.. وغيرها، تحليلات تلك الرموز لا تنتهي، ولا يتطلب الأمر أن تكون خبيرا بالنقد الفني حتى تكتشف مدى الأسى والألم والتحدي الموجود فيها.
خلال الحرب العالمية الثانية كانت القوات النازية – كما يقال – تمنع نشر وتداول اللوحة لأنها كانت تستخدم بالمناشير المناهضة للنازية، يحكى كذلك أن القوات النازية كانت تتحرش ببيكاسو حتى سأله أحدهم عن صورة للوحة كانت معلقة بمنزله في باريس: “أنت صنعت هذه اللوحة؟”، فأجابهم بيكاسو: “كلا، أنتم صنعتوها!“.
بعد باريس انتقلت اللوحة لتعرض في دول مختلفة حول العالم لتستقر في الولايات المتحدة، في عام ١٩٦٨ أبلغ الديكتاتور الإسباني فراشيسكو فرانكو بيكاسو بأمله أن تنتقل الجورنيكا لتستقر في إسبانيا، لكن بيكاسو رفض ذلك وأخبره أن انتقال اللوحة إلى إسبانيا مقرون بشروط.. أهمها عودة الديموقراطية إلى إسبانيا لتصبح جمهورية مرة أخرى! وبالفعل، لم تدخل الجورنيكا إسبانيا إلا بعد وفاة فرانكو وما زالت هناك حتى اليوم.
في عام ١٩٥٥ طلب الرئيس الأمريكي نيلسون روكفيلير من بيكاسو أن يبيع اللوحة حتى يتم عرضها في مبنى الأمم المتحدة، لكن بيكاسو رفض بيع اللوحة، عوضا عن ذلك أنتج نسخة “نسيجية” منها وضعت عند مدخل قاعة مجلس الأمن، في عام ٢٠٠٣ وأثناء مؤتمر صحفي سبق الحرب على العراق تمت تغطية اللوحة بستارة زرقاء، المسؤولون ذكروا أن سبب تغطية اللوحة كان لكونها تسبب تشويشا للمصورين، لكن النقاد ذكروا أن سبب محاولة إخفائها هو التناقض بين المؤتمر الذي جاء ملوحا بالحرب وبين اللوحة التي طالما رمزت للسلام ولقبح الحروب وآثارها المدمرة للبشرية.