كل مقالات moayad

Dr. Muayad H. Hussain (Moayad Hassan). Posting works and articles in the fields of culture and visual communication which include art, photography, cinematography and design. Living in Kuwait and working as an Assistant Professor of History of Ar and Art Criticism at the Collage of Basic Education (Jaber University). Phd in History of Art from University of Birmingham, UK.

مؤتمر جلاسجو (الجزء الثالث): طراز دبي و لاندسكيب لبنان

تيم كيندي من الجامعة الأمريكية في الشارقة تحدث عن التاريخ العمراني لمنطقة خور دبي ، ذكر كيندي أن فكرته عن الشرق كانت مستقاة من أفلام على بابا التي شاهدها في صغره و أنه عندما زار دبي وجدها كما توقعها في أحلامه!

قبل أن يرى دبي بعينيه قيل له أن الطراز المعماري في المنطقة تمت استعارته من مناطق مختلفة من العالم لعدم “وجود” طراز معماري محلي! كمثال على ذلك ذكر النقاد أن منطقة مثل شاطئ الجميرة إنما هي محاولة لتكوين شكل معماري إماراتي بينما هي بالواقع خليط معماري غير متجانس ، ‪فهي مدينة عربية “مزيفة” كما أسموها (رغم أنهم استمتعوا بالإقامة فيها) ، و لكن الشك سايره تجاه هذه الملاحظة ، و عندما أجرى أبحاثه وجد أن المنطقة مازالت تحتفظ بتاريخ تراثي و معماري ممتد.

مشكلة دبي كما يراها كينيدي هي أن هناك اهتمام “بشكل المعمار أكثر من الاهتمام بالمعمار ذاته” ، فالشكل البصري للمعمار ليس سوى جزء من التصميم المعماري ، بينما هناك عوامل أخرى لا تقل عنه أهمية كالمادة و الوظيفة و المكانة التاريخية ، و ذكر بأنه في دبي هناك اهتمام بصورة التاريخ أكثر من التاريخ ذاته ، و استشهد كينيدي بمقولة لرونالد بارت حول الفرق بين شكل المصارع و وظيفته التي لا تتعلق بالفوز بل بشكل الفوز.

كمثال على مبدأ الشكل و الوظيفة استشهد كينيدي بأسماء المناطق و المعالم ، فالاسم كما يذكر كينيدي شيء أساسي ، و معرفة كيفية حصول المكان على اسمه تعتبر قصة ترشدنا لتاريخ ذلك المكان ، و ذكر أن أسماء مناطق مثل ديرة و البطينة و الراس و البستكية جميعها تدلنا إما على تاريخ هذه المنطقة أو على أهمية موقعها الجغرافي ، و رأى بأن هناك فرق كبير بين هذه الأسماء التاريخية و بين أسماء المناطق الجديدة التي تحمل وصفا شكليا كمدينة الإنترنت و مدينة الإعلام و غيرها.

عبدالله كاهل من الجامعة الأمريكية في بيروت قدم ورقة بعنوان الهوية في فن اللاندسكيب اللبناني خلال القرن العشرين ، إقتراح الورقة هو أن فن اللاندسكيب اللبناني منذ فترة الانتداب الفرنسي خلال العشرينات مرورا بفترة الحرب الأهلية و حتي اليوم إنما يحمل رسائل فكرية موازية لنشأة “الدولة” اللبنانية.

تاريخيا لبنان لم تكن مركز اهتمام فني بالنسبة للمستشرقين ، فلبنان كانت تمثل محطة عبور بالنسبة لهم تجاه قبلتهم في فلسطين ، و لكن كانت هناك لوحات قليلة رسمت للطبيعة اللبنانية من قبل المستشرقين و هذه اللوحات يمكن أن تكون موضوعا للمقارنة مع الإنتاجات اللاحقة للفنانين المحليين الذين بدأ انفتاحهم على الفن الغربي خلال أواخر القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ، و في بدايات القرن العشرين بدأ هؤلاء الفنانين المحليين بالتوجه إلى بيروت لأنها تعتبر السوق المناسب لهم لوجود الكنائس و الرعاة ، و خلال الثلاثينات و بعد إعلان مبدأ “لبنان الكبير” و توافد اللبنانيين من الجبل و الجنوب إلى بيروت بدأت المشاكل السياسية حول مواضيع تقسيم السلطة و رفض الوجود الفرنسي تطفو على السطح.

خلال تلك الفترة كان هناك توجه من قبل الفنانين اللبنانيين نحو فن اللاندسكيب و ذلك لعدة عوامل ، ففن اللاندسكيب أولا يعتبر محور اهتمام لجميع اللبنانيين بمختلف توجهاتهم و الفنان بذلك يضمن سوقا لأعماله ، و ثانيا يعتبر اللاندسكيب مفرا لبعض الفنانين الذي تعلموا في أوربا بعيدا عن مواضيع “النودز” التي تعتبر من المحرمات الدينية و الاجتماعية في المجتمع اللبناني المحافظ ، و السبب الثالث هو أن اللاندسكيب أيضا يعتبر مفرا من قضية “الهوية” اللبنانية في ظل الأجواء السياسية الحرجة ، فالمجتمع اللبناني يعتبر خليطا بين الحضارات العربية و الفينيقية بالإضافة إلى الأرمينية و غيرها (كما ذكرنا سابقا في موضوع بحر أوسطية لبنان) ، و اللاندسكيب يعتبر هروبا من التعبير عن هذه الهوية التي لا مفر من التعبير عنها عند تناول مواضيع البورتريه أو المباني أو المواضيع التاريخية.

رغم التجرد الظاهري لفن اللاندسكيب من البعد السياسي و الاجتماعي الا أن أعمال بعض الفنانين يمكن أن تفسر تفسيرا يعبر عن إسقاطات سياسية أو تاريخية تتعلق ببعض الحوادث أو القصص المتعلقة بالمنظر المرسوم كما يذكر عبدالله كاهل ، و من ناحية أخرى فإن أسلوب الرسم أو التعبير قد يكون له دلالات سياسية و اجتماعية و إن كان الموضوع مجردا منها ، و استشهد كاهل بأعمال الفنان رفيق شرف الذي تحدى الصورة الزاهية للطبيعة اللبنانية و قدمها بشكل أكثر سوداوية ، و أرجع هذا التقديم لخلفية الفنان الذي يأتي من خلفية شيعية تحمل شعورا سلبيا متعلقا بوجودها الاجتماعي في الكيان اللبناني.

و اختتم كاهل ورقته بالحديث عن فن مرحلة الحرب الأهلية و ذكر بأنه خلال هذه الفترة حدث تحول في مواضيع اللاندسكيب اللبناني ، فمواضيع اللاندسيكب الطبيعية اخذت بالهجرة إلى نحو داخل المدينة و تحولت إلى السيتي سكيب ، فالفنان اللبناني بعد أن كان يصور الطبيعة اللبنانية بجبالها و أنهارها و وديانها انتقل لتصوير المباني و الترسانات المصبوغة بالأعلام و الشعارات السياسية و التي من خلالها ظهرت للسطح الانقسامات الداخلية اللبنانية بعد أن كانت تحاول الاختباء طوال الأعوام التي سبقتها.

———–

ملاحظات:

– ما ينطبق على الحديث عن دبي ينطبق كذلك على العديد من المدن العربية و التي من ضمنها المناطق الكويتية طبعا !
– يبدو بأن المصير المشترك للعرب يخص مشاكلنا و خلافتنا أكثر من أي شيء آخر لأن عبدالله كاهل تحدث بشكل موجز عن مشاكل الفن اللبناني في الوقت الحالي و وجدتها مطابقة تماما لمشكالنا في الكويت !
– عندما بحثت عن الفنان رفيق شرف على جوجل وجدت بأن غالبية النتائج كانت تتحدث عن خبر وفاته !!

مؤتمر جلاسجو (الجزء الثاني): بين اسطنبول و موسكو و بيروت

خلال اليومين التاليين من أيام المؤتمر قمت بحضور مناقشات العديد من الأوراق العلمية تتعلق غالبيتها بموضوع النظرة الجديدة للفن الشرق أوسطي ، منظمة هذه المناقشات هي كريستين ريدينج منظمة المعارض في متحف التيت في لندن ، تهدف هذه الأوراق إلى تركيز الضوء على مفهوم جديد للفن الشرقي.

تاريخيا و حتى آواخر السبعينات من القرن العشرين كان ينظر لفن الشرق بمنظور تقليدي أسسه الكتاب و الفنانين المستشرقين الذي أظهروا المنطقة على أنها منطقة بسيطة و متأخرة حضاريا إلا أنها تملك سحرا شرقيا خاصا مرتبطا بمواضيع السلاطين و الخيام و الحريم و ليالي ألف ليلة و ليلة ، و لكن في عام 1978 كتب إدوارد سعيد كتابه الشهير “الاستشراق” و نبه فيه الأدب و الفن الغربي على أن هناك سوء في الفهم و أخطاء منهجية يعاني منها الباحثون في أمور منطقة الشرق الأوسط.

أولى الأوراق العلمية كانت بعنوان المجموعة البحر أوسطية: كنوز الفن العربي في منزل هنري فرعون قدمتها مي فرحات من الجامعة الأمريكية في بيروت ، خلال الربع الأول من القرن العشرين قام رجل السياسة اللبناني هنري فرعون ببناء بيته على الطراز العربي/الإسلامي التقليدي و بدأ بجمع ما استطاع من التحف و الآثار المتعلقة بالتاريخ اللبناني و تاريخ المنطقة بشكل عام ، تراوحت المجموعة ما بين الآثار العربية و الإسلامية و الفينيقية و التي جمعت من لبنان و سوريا و فلسطين و قبرص و غيرها من مناطق البحر الأبيض المتوسط.

تحدثت فرحات عن مفهوم البحر أوسطية و أن فكرة فرعون كانت أن المنطقة اللبنانية تتميز بتاريخ مشرك بين أعراق و حضارات مختلفة عاشت و تعيش في هذه المنطقة ، كان فرعون من خلال مجموعته هذه يهدف لأن يجمع بين الأعراق المختلفة من خلال التعدد العرقي لمجموعته و التعدد الرمزي للعناصر المعمارية الموجودة في المنزل ، فتم استخدام النقوش الإسلامية بجانب المسيحية بجانب الفينيقية و ذلك للدلالة على التآلف و العيش المشترك خاصة في تلك الفترة الحرجة من تاريخ لبنان بعد إعلان مفهوم لبنان الكبير و ظهور دعوات الاستقلال عن الانتداب الفرنسي.

———–

ثاني الأوراق كانت بعنوان بين أوربا و آسيا: لوحات محطة قطار مدينة كازان في موسكو ١٩١٣-١٩١٦ و قدمتها إنيسا كوتينيكوفا من متحف جورنينجر في موسكو ، تتناول الورقة العلمية موضوع اللوحات و الجدارايات المعروضة في محطة قطار كازان و التي تمثل حلقة الوصل بين أوربا و آسيا الوسطى ، تلك اللوحات و الجداريات أتت متأثرة بحياة القرى و الأرياف التركمانستانية و بساطتها ممزوجة بالتراث و الأدب الروسي خاصة مع ارتباط فناني و أدباء الاستشراق الروس بالشرق الذي وجدوا فيه السحر الذي افتقدوه بالثقافة الأوربية.

جدير بالذكر أن فكرة الاستشراق الروسية تنظر للشرق على أنه منطقة آسيا الوسطى ، على خلاف النظرة الغربية للشرق على أنه منطقة الشرق الأوسط.

بالحديث عن الاختلاف الثقافي الجغرافي لمفهوم الشرق فإن فندا بيركسوي من جامعة اسطنبول التقنية ذكرت في ورقتها أنه بالثقافة التركية العثمانية يعتبر الشرق هو الجانب العربي و “البدوي” على وجه التحديد ، و ذلك يعطينا انطباعا بأن فكرة “الآخر” التي تحدث عنها إدوارد سعيد يمكن النظر إليها بشكل نسبي ، فالمجتمعات و الثقافات المختلفة لديها “شرقها” الخاص بها و الذي تعتبره أكثر بساطة منها و أقل تقدما.

تحدثت بيركسوي عن مفهوم “الاستشراق الداخلي” و عن نظرة المجتمع التركي “المتغرب” للتقاليد العثمانية و المناطق “النامية” (كما كان يطلق عليها) التي ظلت متعلقة بها على أنها “آخر” لا ينتمي لأفكارها “التقدمية” و ذلك خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى و في العشرينات و الثلاثينيات من القرن العشرين على وجه التحديد ، كتطبيق على ذلك تحدثت بيركسوي عن النظرة الاستشراقية في لوحة “ميدان تقسيم” للفنان التركي نظمي ضياء و التي قدمها في معرض الثورة في عام ١٩٣٥ ، يوضح هذا العمل التغير بصورة المرأة التركية على وجه التحديد و انتقالها من “الحريمية” إلى شكلها الغربي “المتقدم”.

-‫—–‬

و في موضوع مرتبط تحدثت مارتينا بيكر من جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة عن فترة إصلاح نظام التعليم التركي خلال السنين الأولى للنظام الجمهوري التركي و عن تأسيس أكاديمية الفنون الجميلة في اسطنبول في ١٩٣٢ ، و ذكرت أن سياسة الحكومة التركية كان لها تأثيرا مباشرا على نهج هذه الكلية و نظامها و مناهجها التي أعدت لإخراج نوعية معينة من الفنانين و الحرفيين ، و هذه السياسة مع مرور الوقت كانت لها نتائج سلبية تمثلت في تبرؤ بعض الفنانين الأتراك منها و من سياستها.

——-

في الجزء القادم سنتحدث عن كل من الطراز المعماري في دبي و نظرة جديدة لفن اللاندسكيب اللبناني.

مؤتمر جلاسجو (الجزء الأول): بين المقابر

خلال الفترة من 15 إلى 17 أبريل من عام 2010 حضرت المؤتمر السنوي السادس و الثلاثين لجمعية مؤرخي الفن البريطانية و الذي أقيم في مدينة جلاسجو الأسكتلندية ، تضمن المؤتمر العديد من الأنشطة و المحاضرات و الندوات المتعلقة بتخصص تاريخ الفن بمختلف فروعه ، هل لتاريخ الفن فروع؟ بالتأكيد.. فمثل جميع التخصصات الأكاديمية لتاريخ الفن فروع عديدة ، كثيرا ما أُسأل بعد أن أعرف بنفسي كمتخصص بتاريخ الفن عن فنون العمارة الإسلامية مثلا أو عن أعمال فان جوخ أو دافنشي.. فأتوهق! صحيح أني اطلعت بشكل أو بآخر على تلك الجوانب من تاريخ الفنون و لكني لست متخصصا بها و لا أستطيع أن أتحدث عنها ارتجالا بقدر تمكني من تخصصي الدقيق الذي يتناول الفن الحديث و المعاصر.

مؤتمر جلاسجو يتعبر أول تجاربي “المؤتمرية” التخصصية ، لم أكن أدري ماذا علي أن أتوقع رغم اطلاعي على جدول الأنشطة و الندوات و رغم وضعي لخطة المحاضرات التي تهمني في مجال بحثي الأكاديمي ، أولى فعاليات المؤتمر التي حضرتها بعد عملية التسجيل كانت رحلة إلى كاتدرائية جلاسجو ، عند الوصول إلى الكاتدرائية انقسم الحضور إلى قسم أخذ جولة لمشاهدة الجانب المعماري للكاترائية ذاتها و القسم الآخر (الذي انضممت له) توجه لمشاهدة معمار و تاريخ المقبرة القريبة من الكاتدرائية ، و قد سررت لاحقا لاختياري هذا 🙂

توصف مقبرة جلاسجو بأنها واحدة من أجمل مقابر بريطانيا نظرا لحسن تقسيمها و جمال الأضرحة الموجودة فيها بالإضافة لموقعها المرتفع على تلة تشرف على المدينة ، بنيت المقبرة خلال الربع الأول من القرن التاسع عشر في وقت كانت جلاسجو على علم بالتطورات الفنية التي تحدث في باريس و التي كانت هي عاصمة الفن و الثقافة في ذلك الوقت ، هذا العلم و الاطلاع انعكس على جمال تصميمها الذي كان يعتبر حديثا في وقته و يماشي أحدث الصرعات الفنية و المعمارية الأوروبية.

تمتاز المقبرة كذلك بأنها من أوائل المقابر “العلمانية” ، فالمقابر قبل ذلك الوقت كانت دائما ما تلحق بالكنائس و يقتصر الدفن فيها على أتباع مذهب الكنيسة ، بينما مقبرة جلاسجو كانت ذات طابع تجاري أكثر و لم تكن تتبع تيارا دينيا ، الدفن و الزيارة للمقبرة كان مفتوحا لجميع الفئات و المذاهب الدينية و بل و تحتوي على قسم مخصص للمدافن اليهودية ، بالطبع كان هناك حارس للمقبرة حتى يمنع دخول المخربين مثلا أو من يشك بنواياهم أو هيئتهم.

من الناحية الفنية و المعمارية فإن الأضرحة بنيت من قبل مجموعة من المصممين و النحاتين المحليين أشهرهم هي عائلة هاميلتون ، تتراوح هذه الأضرحة ما بين الشواهد البسيطة إلى المباني الضخمة معقدة التزيين ، يجدر القول كذلك بأن بعض الأضرحة صممت لتتماشى مع شخصية المدفون داخلها ، فمثلا نجد ضريح الفنان المسرحي جون هنري ألكساندر و هو ممثل مسرحي و صاحب مسرح جلاسجو قد أخذ شكل خشبة و ستارة قاعة مسرحية مع العناصر التي ترمز للعمل المسرحي الكوميدي و التراجيدي.

بينما ضريح الكاتب ويليام يلسون أخذ تصميما إسلاميا شرقيا و ذلك يرجع لكونه قد أستشرق [1. ستقرأ عن معنى الاستشراق كثيرا خلال المواضيع القادمة إن “شاء الله] و عشق العيش في فلسطين حيث الأرض المقدسة و ألف الكتب عنها مثل كتاب “قصص من الأرض المقدسة.



المقبرة اليوم تعتبر منتزه أو حديقة عامة ، لذلك لا تستغرب إن رأيت من يمارس رياضة الجري بين الأضرحة أو من اتخذ له مكانا مرتفعا ليستند على إحدى الشواهد مركزا نظره بالكتاب الذي يقرأه ، شخصيا… وجدت هذه المقبرة بموقعها و جوها من أجمل معالم جلاسجو على الإطلاق و استمتعت بالسير بين أركانها حاملا كاميرتي.. رغم أن “حيلي انهد” من عملية الطلوع و النزول خاصة مع دفئ جو ذلك اليوم 😛

بعد انتهاء الجولة في مقبرة جلاسجو انتقلنا لداخل الكاتدرائية لحضور محاضرة للبروفيسور جوزيف كويرنر حول أعمال الفنان الهولندي هيرينوموس بوش و الذي يعتبر من أبرز فناني عصر النهضة في شمال أوروبا ، تتميز أعمال بوش بالغرابة و ذلك لطرحه مواضيع غير مألوفة في ذلك الوقت كأشكال الوحوش و الشياطين و ربطها بالمواضيع الدينية التي تقدم في الكنائس.

تحدث البروفيسور بإيجاز عن ما هو معروف عن سيرة و حياة بوش و عن أهمية أعماله تاريخيا ، و تكلم كذلك عن رمزية أعماله و تعدد تفاسيرها ، فأعمال بوش ليست تقليدية بالمرة بالنسبة لذلك الوقت خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار استخداماتها الدينية داخل الكنيسة ، فأعماله كنائسية و عادة ما تناول المواضيع الدينية التقليدية كحوادث الفصح و التتويج و الميلاد و ذلك لمكانتها كوجهة للصلاة و الخشوع ، و لكن بوش عبر من خلالها عن مواضيع الخطيئة و العذاب و الجحيم و استخدم في بعضها رموزا و مشاهد تقترب من الإباحية المرفوضة عادة في الكنائس !

ركز البروفيسور على لوحة يطلق عليها اسم “حديقة المتع” و تكلم عن اختلاف التفاسير لها ، فمن الآراء المطروحة هو أن الجزء الأوسط منها يمثل نعيم الجنة بينما الأيمن يمثل عذاب جهنم و الأيسر بدأ الخليقة ، و لكن تفسيرا آخر يقول بأن بأن الجزء الأوسط ليس نعيم الجنة بل هو الخطيئة التي تستوجب حصول الواقعين فيها على عذاب جهنم ، و استدل البرفسور على ذلك من خلال الرموز الموجودة باللوحة و من خلال وضعيات الشخوص الموجودة فيها.

جدير بالذكر أن بوش و لوحة حديقة المتع كانت موضوعا لإحدى مقالاتي العلمية التي كتبتها أثناء فترة الماجستير.

يتبع

———-

المزيد من الصور مع المزيد من التفاصيل :



.

.

———-

Posting (photo project)

Posting from Moayad Hassan.

I walked to to the post box near our house with my an envelop in one hand and my iPhone in the other, and these are the results.

I shot the pictures using an app called Action 4, so no post processing. I just arranged the pictures in a slideshow using Aperture. It is really amazing what can be done with the iPhone 4 camera and photo apps!

I’m sure that you know about my Moayad on the Go project, right? It’s a long term project for which I’m only using the iPhone to shoot, edit and upload pictures on the go from my everyday walks and rides. Now I think the iPhone 4 took this project to a whole new level of quality as you can see.

————


Stuff in the Sky

فيديو يحتوي على مجموعة من الصور قمت بالتقاطها بواسطة الآيفون خلال جولة قصيرة قمت بها لصندوق البريد القريب من المنزل ، تم التقاط الصور باستخدام تطبيق أكشن 4 .. أي دون أي تعديل بواسطة الكمبيوتر ، كل ما قمت به هو صف الصور مع الموسيقى باستخدام برنامج أبرجر.

جدير بالذكر أني منذ أكثر من عام قمت بتنفيذ مشروع تصويري طويل المدى يحمل اسم Moayad on the Go ، أقوم به بتجميع الصور التي التقطها خلال جولاتي اليومية خارج المنزل بواسطة الآيفون و لا شيء غيره ، المشروع موجود على فلكر بحساب خاص على العنوان التالي :

http://www.flickr.com/photos/moayad-mob

الفئران آتية !

[youtube]http://www.youtube.com/watch?v=Dnag8D3aAZk[/youtube]

لكي نكون منصفين فعلينا أن نقر بأن الفئران مظلومة ، كثيرا ما يعتقد الناس بأن الفئران تسبب الأمراض بينما هي بالحقيقة لا “تسببها” بل في بعض الأحيان “تنقلها” و الفرق بين الأمرين واضح ، فالطاعون (وهو أشهر الأمراض المرتبطة بالفئران) هو مرض تسببه بكتيريا اليرسينية و التي تنتقل إلى الفئران و الجرذان بواسطة البراغيث ، لذلك فالفئران برأيي مسكينة… اضطرتها الظروف إلى أن تعيش في بيئة و نمط حياة عرضها لكي تكون ضحية هذا المرض الخبيث لتكون وسيطا سيء السمعة ينقل لنا الطواعين دون أن يكون له الخيار في ذلك.

ليست جميع الفئران ناقلة للأمراض بشكل طبيعي ، فعلينا هنا أن لا ننسى كذلك فئران التجارب البيضاء الجميلة ، تلك الفئران “المخدّية” و المغلوبة على أمرها حالتها صعبة ! فهي تظن بأنها تعيش في أحضان الطبيعة الخلابة بينما هي بالواقع موضوعة في قفص زجاجي صغير.. تلقم الطعام تلقيما… طعام لا تدري من أين مصدره و لكنها تأكله لتعيش ، تغرز بحقن مشبوهة المحتوى أحيانا ، تضيع في متاهات مجهولة الهدف في أحيان أخرى ، فهي إذن أيضا حيوانات مسكينة حتى و إن كانت لا تحمل الأمراض.

و طبعا ليست جميع الفئران سيئة أو مسكينة ، فهناك ميكي ماوس الطيب و مايتي ماوس القوي و الفأر جيري الذي كثيرا ما يحسّر بالقط توم ، و للفئران أعداء لدودين مثل القط توم الآنف الذكر.. و محمد السنعوسي و صاحب فتوى ميكي ماوس الشهيرة ، يعني الفأر له قاعدة ثقافية عريضة في حياتنا و ليس مجرد مخلوق صغير من رتبة القوارض كما نعتقد.

هناك نوع ما من البشر يشابه في خواصه الثقافية … الفأر ، مو قصدي بهذا التشبيه الإساءة على الإطلاق… فأنا شخصيا أعتبر من هذا النوع من البشر 🙂

<white mice pet  mouse
white mice pet mouse By Joost J. Bakker IJmuiden

المدونون !

نعم.. هناك المدون الطيب و المدون البطل و المدون المشاغب ، و هناك أيضا المدون ناقل الطواعين و المدون فأر التجارب… و هذان النوعان الأخيران هما موضوع مقالي لهذا اليوم.

بدأ تفكري في الوسط التدويني الكويتي قبل بضع أسابيع عندما انتشرت بين المدونات قائمة تضم “التوب تن” بين المدونات الكويتية حسب تصنيف موقع أليكسا ، كمطور مواقع إلكترونية لي رأي في موقع أليكسا و مصداقيته و لكن ليس هذا مجال طرحه ، ما يهما هنا و ما شد انتباهي هو نوعية تلك المدونات التي يقبل عليها الكويتييون… كانت صدمة خفيفة بالنسبة لي لأني اكتشفت بأن الوضع أسوء مما كنت أتصور !

قبل أن أكمل كلامي عن تلك المدونات “التوب” و ما هو محتواها أود أن أذكر بأن الوقت مناسب الآن للاطلاع على موضوع هل أنت دودة؟ إن لم تكن قد قرأته من قبل أو كنت تحتاج لتذكره لأن الكلام القادم متعلق به بشكل مباشر و بموضوع المجتمع الإستهلاكي الذي تناولته بعدة مقالات سابقة.

المدونات صمام ذو إتجاهين ، فاتجاه المدونة يعتبر تمثيلا لإتجاه المجتمع… و في نفس الوقت فإن المدونة عامل موجه لذلك المجتمع ، يعني المدونات تعبر عن رأي المجتمع ، و المدونة قد تحمل أيضا مشعل القائد للمجتمع و المحرك له ، لذلك فإن الإطلاع على المدونات و طريقة تفكير أصحابها يعطينا مؤشرا قويا على الإتجاه الذي يسير أو سيصل إليه المجتمع ، لهذا السبب علينا أن ننظر لقائمة أشهر المدونات الكويتية بشكل جدي و ندرسها بعناية.

ما هي تلك المدونات و ما هو محتواها؟

دون الدخول بالتفصيل الممل يمكن الاطلاع على القائمة في موقع الأخ فرانكوم.

الحالة مارك

طبعا يتربع على رأس القائمة المدون الشهير مارك ، مارك هو واحد من أعرق المدونين في الكويت ، فقد بدأ التدوين منذ عام 2004 تقريبا في الوقت الذي كان غالبية الناس لا تعرف حتى معنى كلمة بلوق ، مدونته منوعة و تحتوي على الغث و السمين من المواضيع ، مواضيعه بشكل عام لا بأس بها… و لكن ذلك لا يمنعنا من أن نوجه له إصبع الإتهام باعتبار أنه هو من أشعل شرارة التدوينات الإستهلاكية ! مارك هو شاب يعشق جمع “الأشياء” و يجيد الحديث عنها ، فنجده تارة يتكلم عن كاميرة جديدة ، و عن حذاء أو مكينة حلاقة تارة أخرى ، من أشهر مواضيع مارك كذلك هي المواضيع التي قدم فيها تقييما لمطاعم شاورما الدجاج و مطاعم البرغر الكويتية و العالمية ! إستطاع مارك من خلال الشخصية و النفسية “الكوول” التي يمتلكها أن يجمع من حوله قاعدة جماهيرية شبابية عريضة ، هذه القاعدة الجماهيرية -بالإضافة لإجادته لفن التقديم- جذبت انتباه الشركات و المؤسسات التجارية التي بدأت تعي أهمية الشبكات الاجتماعية في التأثير التسويقي (أضف لذلك كون مارك متخصص في مجال التسويق و يعمل بواحدة من أكبر شركات الدعاية و الاعلان في المنطقة) ، فقامت تلك الشركات التجارية باستغلال وضعه الاجتماعي من خلال تزويده بأحدث منتجاتها و خدماتها ليقوم بالحديث عنها من خلال مدونته ، طبعا الكثير من متابعي مدونته شعروا بنوع من الغيرة و تمنوا أن يكونوا بمكانه ، فمنو يعاف إنه يحصل على معاملة خاصة و فرصة لتجربة “الأشياء” ببلاش؟

بدأت بعد ذلك المدونات بشكل عام الانتشار بالكويت و المنطقة ، و لا أعرف من هو أول من قام بعملية “الإستنساخ الماركي” و لكن ظهرت على السطح مجموعة كبيرة من المدونات ذات النفسية “الكوول” و التي تقدم -بشكل سطحي بأغلب الأحيان- عرضا لأحدث “الهبّات” في الوسط الشبابي الكويتي ، فانتشرت مواضيع الكب كيك و المجمعات و الأحذية و برامج الآي فيون و الحقائب و المطاعم و الإكسسوارات ، و ياريت إن هالمواضيع ذات طابع تحليلي مفيد… بل هي بالغالب على شكل صورة و تعليق بفقرة واحدة… أو فيديو يوتيوب و تحته سطر.. أو حتى بدون سطر ! و أنا هنا لا ألوم المدونين على هذا الطرح.. فكل حر فيما يكتب أو يقدم.. و بالنسبة لي فإن الإبتعاد عن هذه المدونات و مواضيعها الـ#### هو أفضل حل ، جل ما أستطيع أن أقدمه لهؤلاء المدونين هو نصيحة بتغيير نمط حياتهم حتى لا يتحولوا إلى مخلوقات دودية.. أو يسقطوا ضحية للطاعون -و العياذ بالله- بنشرهم للفكر الإستهلاكي بين صفوف الشباب!

المرحلة التالية في عالم المدونات -وهي الأكثر خطورة- هي مرحلة الوعي التجاري ، بالطبع فإني أستخدم كلمة “الوعي” بتحفظ لأن ذلك الوعي ليس بالضرورة أن يكون شيئا إيجابيا ! إنتبهت الشركات التجارية لمسألة التسويق الإجتماعي كما ذكرنا عند الحديث عن حالة مارك ، و لكن ما حصل مع البعض هو تحول مسألة التسويق إلى مسألة تقترب من “الرشوة” ! أستطيع أن أفهم أن تقوم وكالة سيارات مثلا بإتاحة الفرصة لمدون لتجربة سيارتهم الجديدة و الحديث عنها (هذا إن كانت المدونة متخصصة في عالم السيارات مثلا)… و لكن كيف نفسر أن يقوم دليل للمطاعم بتقديم صناديق من الشوكولاتة أو الآيسكريم للمدونين كـ”هدية”؟! ما علاقة خدمتكم بموضوع الآيسكريم؟ .. هل الشوكولاته مصنوعة بمصنع الوالد مثلا؟! و طبعا المدون المسكين لفرط سعادته بأن هناك من أعطاه ويهاً يقوم بحسن نية بزف خبر تلقيه لهذه “الهدية” السكرية و شكره و تقديره للمؤسسة الفلانية أو الموقع العلاني على بادرتهم الطيبة دون أن يعلم بأنه بحركته هذه قد تحول لفأر تجارب قد تم وخزه بإبرة لا يعلم محتواها! فهل فكر بالسبب الذي دعى تلك الجهة لتقديم تلك الهدية له شخصيا؟ هل فكر بدوافعها و بآثارها؟

Mushroom Burger

الإرهاب الغذائي

الحادثة الأخيرة و الأخطر و التي فجرت هذا الموضوع هو إقدام أحد مطاعم الوجبات السريعة على دعوة مجموعة من المدونين لتجربة منتجهم الجديد ، تسأل ما هو هذا المنتج الجديد؟ هو كارثة حقيقية !!! ففي الوقت الذي تحاصر فيه مطاعم لوجبات السريعة و يضغط عليها شعبيا و إعلاميا في سبيل محاربة ما تقدمه من سموم أثبت الأبحاث و التجارب المخبرية ضررها على الصحة العامة نجد ذلك المطعم قد استورد لنا وجبة “حصرية” من أجل أن يقدمها كهدية لنا مساهمة منه في تضييق شراييننا و توسيع كروش شبابنا! فماذا كانت ردة فعل مدونينا الأكارم؟ لا شيء سوى السمع و الطاعة و السقوط في الفخ تحت تأثير رائحة الجبنة.. المصحوبة بالهمبرغر اللذيذ… الله يزيد النعمة !

المدون مارك صريح مع من يريد التعامل معه ، فهو يشرط عليهم أن يقوم بنشر ما يعجبه من المنتجات.. أما ما لا يعجبه فإنه لا يتكلم عنه إطلاقا حتى لايخسر “الزبون” ، فهو على الأقل وضع لنفسه معيارا يقبل فيه ما يشاء و يرفض ما يشاء ، سمعت بمدونة أخرى (و هي أيضا مؤلفة كتب) قدمت لها إحدى الشركات الكبرى عرضا مغريا كي تهدي لهم بعض أعمالها… لكنها رفضت عرضهم السخي… لماذا؟ لأن تلك الشركة لها سجل غير مشرف في المجال البيئي.. و ذلك أمر يخالف مبادئ تلك المدونة !

مبادئ” .. هل سمعت بهذه الكلمة من قبل؟ المبادئ و القيم و المعايير هي ما يفرق بين الفأر الطيب البطل و الفأر ناقل الأمراض.. و فأر التجارب ، فأي نوع من تلك الفئران تود أن تكون يا عزيزي المدون؟ هل ستسقط في الفخ أم ستعيش حرا؟

والله يكافينا شر الطواعين.