كل مقالات moayad

Dr. Muayad H. Hussain (Moayad Hassan). Posting works and articles in the fields of culture and visual communication which include art, photography, cinematography and design. Living in Kuwait and working as an Assistant Professor of History of Ar and Art Criticism at the Collage of Basic Education (Jaber University). Phd in History of Art from University of Birmingham, UK.

من يقبض على الجمر؟

كان بودي أن أبدأ موضوعي بجملة “لم أصدق ما رأيت!”.. فالمشهد لو كان مر علي قبل عشر سنين فقط لما استطعت تصديقه ، و لكن مع جنون عالمنا المعاصر لم يعد هناك شيء لا أستطيع تصديقه ، قد لا أستطيع تفسير ما أرى.. لكني لم أعد أستغرب كثيرا رؤيته.

المشهد هو التالي :




الوصف: طائرات سلاح الطيران الإسرائيلي تقصف موقعا تابعا لحماس ، الموقع هو بالواقع مسجد ! لو توقف الوصف هنا لحق لنا أن نصدم ! و لكن تتضاعف الصدمة عندما نعلم بأن هذا المسجد هو عبارة عن مخزن للسلاح !!

لاحظ بأن هناك انفجار أولي ناتج عن القصف.. ثم تلاه انفجار أو اثنان بسبب المواد المتفجرة المخبأة في المبنى.

شيء محزن مضحك ما يحدث 🙂

لم أتحدث عن غزة و ما يحدث فيها هذه الأيام.. بل و حاولت تجنب حتى معرفة ما يحدث ، و لكن هيهات! فلا مفر!

و هل نلام على صمتنا؟

تعاطفنا الإنساني لا يمكن نكرانه ، فموت أي طفل في أي مكان في العالم دون ذنب هو أمر يحزننا و يجعلنا نأسف لعدم استطاعتنا منع موته ، و لكن في الأحوال العادية هناك مجرم واضح نستطيع لومه و توجيه أصابع الاتهام له ، و لكن على من نلقي اللوم على ما يحدث الآن؟

لا أذكر من هو الصحابي الذي آثر التنحي و الاختباء عندما كثرت الفتن في آخر عهد الخلفاء الراشدين ، و لكني أرى في تصرفه وقتها قمة الحكمة… و أنا اليوم آثرت السير على خطاه…. أو حاولت على الأقل ، ففي هذا الزمان كما علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ستكثر الفتن و بالتالي : “يأتي على الناس زمان فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر” ، جعلنا الله و إياكم من القابضين على دينهم.

اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه
و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه

زراعة الكراهية

أسكن هذه الأيام وخلال زيارتي القصيرة للكويت بأحد الفنادق الجديدة بالقرب من مدينة الكويت، مثل جميع الغرف الفندقية فإن التلفزيون فيها يحتوي على باقة مختارة من القنوات التلفزيونية… طبعا مختارة من قبل إدارة الفندق وليس مني، ومثل جميع زياراتي للفنادق فإن أول القنوات التي يتوجه لها الريموت كنترول هي قنوات الأطفال… حكم القوي على الضعيف 😛

قنوات الأطفال التي فرضت علي وعلى ابنتاي هذه المرة كانت قناتي كارتون نتورك وسبيس توونز، وهما -بشكل عام- -وبالنسبة لي- قد تكونان من أسوأ قنوات الأطفال تربويا! لن أدخل بتفاصيل بعض ما تعرضه هاتين القناتين من سموم فكرية فذلك يستدعي بوستات أخرى طويلة، ولكني سأركز على فقرة واحدة لم أستطع تمالك قريحتي عندما شاهدتها وسمعتها !

الفقرة كانت على قناة سبيس تونز والتي نصيبها أكبر من المشاهدة لأنها تعتبر أخف القناتين ضررا، لا داعي لوصف تفاصيل الفقرة.. فقد وجدتها على اليوتيوب وتشاهدونها هنا:

 

 

أولا ، إن كان هناك من الناس من لا يجد بأسا في ما تحمله كلمات هذه النشيدة من أفكار وقيم فلا ضير في ذلك، كل منا يحمل أفكارا خاصة به وهو حر بالاعتقاد بها وتوصيلها لأبنائه ، و”كل واحد حر بموزه” على قولة سمير غانم 🙂 ، لكن غير المقبول هو أن يكون هناك من يحاول أن يزرع تلك الأفكار بعقول الأطفال وكأنها من المسلمات المفروضة على الجميع!

قد تتساءل، ما هي تلك الأفكار؟ وما هي خطورتها؟

أولا ، لا أقبل أن تنتهك براءة أطفالي بمجرد كلمة “طلقة! تلو الطلقة!” فوجود تلك الكلمة بأغنية للأطفال هي بحد ذاتها جريمة!! فكيف إذا كانت كلمات الأغنية تصف كيف أن تلك “الطلقة” اخترقت “جسد” ذلك الطفل! وكيف إن كانت تتحدث عن “رحيل” جسد ذلك الطفل وبقاء “روحه” و”بكاء” أبيه عليه؟! هل تدرك عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة أن هذه النشيدة الموجهة للطفل تحدثه عن فكرة “الموت” و”التمزق” بالرصاص؟

ماذا بقي للطفل من براءة إن زرعنا مكانها صور الرصاص والجروح والدماء والدموع بهذا الشكل؟ كل الدراسات التربوية والإعلامية تؤكد بأن العنف ومشاهده وأفكاره هي من أخطر ما يمكن أن يتعرض له عقل الطفل، جميع القنوات التلفزيونية المحترمة تمتنع عن عرض أي مشاهد للعنف حتى فترة متأخرة من الليل حتى لا يشاهدها الأطفال، جميع الأعمال الكارتونية والدرامية والترفيهية الحديثة الموجة للطفل تبتعد قدر الإمكان عن أي مشاهد للعنف أو الموت أو الدماء أو الرصاص…. وحتى الأسلحة والمسدسات والبنادق فيها إن كان لا بد من استخدامها فإنها تستبدل بأسلحة خيالية كالليزر أو البلازما أو الطاقة أو غيرها، ونحن نصف لطفلنا بدقة متناهية كيف يمكن أن تخترق الطلقات جسده مثل الورقة!

العنف ما هو الا جزء من كوارث هذه النشيدة… الجزء الآخر -والأخطر- هو الجملة الختامية والتي تلعلع بها منشدتنا قائلة :

“كذب المحتل ولو صدق!”

يا سلام!!

لا أدري من أي عرف أو عقيدة أو دين تم استسقاء هذه الفكرة “الجهنمية”! إن كنت عدوي فكلامك كذب… مهما قلت… حتى لو قدمت لي الحجج والبراهين، حتى لو أريتني ما تحدثني عنه أمام عيني بآيات واضحة للعيان… فأنت كاذب! أولست عدوي؟ أولست أنت من تتحدى عقيدتي؟ أولست أنت من اعتديت علي وعلى إرث أجدادي؟

هممم.. ذكروني… أين سمعت بهذا المبدأ من قبل؟!!!!

ثم نقول “لماذا يكرهنا و يحاربنا العالم؟”

أرجع وأقول، إن كنت أنت مقتنعا بأن “لا بأس” بأفكار تلك النشيدة فلا مشكلة عندي… أنت حر ولن أعتبرك “كذابا” لأنك لا تتفق معي، ولكن ما أرفضه هو محاولة أن “تفرض” تلك الأفكار على أبنائي!

يعني الأخ في الفيديو التالي حر في ما يفعله بهذه الطفلة البريئة لأنها بالنهاية ابنته… كما يبدو:

 

 

لكن هذا لا يعني أنه يجب فرض نفس “البرمجة” على جميع أطفالنا، فنحن نسعى لجيل يفكر ويدرس ويحلل… لا لآلات نبرمجها على أفكار العنف والتقوقع والكراهية أو غيرها من الأفكار.. دون أخذ رأيها ودون أن حتى تدرك مالذي تتعلمه، لنتذكر أننا إن نحن زرعنا تلك الأفكار في رؤوسهم الصغيرة فلن نجني غير ما زرعنا، و الله يستر.

ما أكثر الأفكار حين تعدها

الحمد لله أن التدوين ببلاش ..

يعني الحمد لله… لا أستلم نقودا على كتاباتي ولا أدفع لأنه بالحالتين سأتسبب بضائقة مالية إما لي أو لغيري 🙂

أفكار المواضيع التي في بالي كثيرة… و التي يمكن أن أحصل عليها بعد جولة سريعة على الصحف اليومية أكثر! ليست المسألة مسألة أفكار.. فهي كالهم عالقلب…. بل و حتى الهم عالقلب من الممكن أن يتحول إلى فكرة لموضوع ، و ليست كذلك مسألة وقت ، كثيرا ما نسمع جملة “ما عندي وقت للكتابة” و لكن هذه الأيام بالذات لدي كمية لابأس بها من الوقت الذي أقضيه بأنشطة ترويحية أو شبه ترويحية من الممكن أن يقتص ليحول للكتابة التدوينية.

المشكلة ليست بكمية الأفكار كما ذكرت أعلاه بل بنوعيتها ، القضايا التي تستدعي “التحلطم” لا حصر لها ، يعني يمكنني أن أؤلف كتابا من القطع المتوسط مليئا بسوالف نواب مجلس الأمة و أحوال الرياضة و الإعلام و الثقافة المحلية و العربية خلال أسبوع فقط ، لكن ضميري الحي و قلبي المرهف دائما ما ينهاياني عن ذلك رحمة بالقراء المساكين الذين تشبعوا من تلك المواضيع بالصحف و المدونات و الدواوين.

كبديل عن قضايا التحلطم هناك القضايا الثقافية الدسمة ، كم أتمنى أن أكتب مواضيع مستقاة من أعماق الأدب أو الفلسفة ، و لكني أقاوم ذلك و بشدة رغم إغراء الفكرة ، فتلك المواضيع لا يقرأها أحد.. حتى أنا! فلماذا أتعب نفسي فيها؟ جربت الأمر من قبل و لكن كانت ردة الفعل عليها الصمت المطبق! و لا أعني الصمت بعدم الردود… و لكن وصل الأمر بأني أنا نفسي لم أعد لقراءة تلك المواضيع بعد أن كتبتها لأنها بالأساس كانت دراسة أكاديمية خاصة بدراستي الجامعية و ليست من نوع الكتابة الشعبية (popular) ، لا أحب هذا النوع من الكتابة أو القراءة… و لكني أضطر لها أحيانا، في نفس الوقت أتمنى أن أكون من البارعين بها نظرا لأهميتها التخصصية.

على العكس تماما من النقطة أعلاه… من أسهل المواضيع التي يمكن تدوينها هي المواضيع فائقة الخفه! يعني المواضيع من نوع خبر و تعليق أو صورة و تعليق أو فيديو يوتيوب و تعليق… أو حتى من غير تعليق ، جميلة هي تلك النوعية من المواضيع.. و مغرية و لكنها أولا لا تستهويني ، و ثانيا… أدري بأني إن لم أكن حذرا بالنهاية سأنزلق و أحولها إلى أحد النوعين الذين تكلمت عنهما أعلاه! يعني ما سوينا شي 🙂

الحل هو بالموازنة بين جميع ما سبق ، أن تكون المواضيع خفيفة.. تحمل فكرا و تهم القارئ -و الكاتب- و تجذب اهتمامه ، فأين هي تلك الأفكار؟

Waltz With Bashir

إستمعت قبل أسابيع بالإذاعة البريطانية بينما كنت بالسيارة للقاء مع مخرج سينمائي كان يتحدث عن فلمه الجديد ، ما شدني في بداية الأمر هو اللكنة التي كان يتحدث بها.. ظننت بالبداية إنه عربي.. خاصة و أني التقطت كلمات مثل لبنان و إسرائيل و صبرا و شاتيلا ، إكتشفت لاحقا أنه كان يتحدث عن فلم يتناول قضية الحرب اللبنانية الأولى 1982 و بالذات عن مذبحة صبرا و شاتيلا ، لم أفهم من هو منتج الفلم أو مخرجه..و فكل ما التقطته هو اسم الفلم (أو هكذا اعتقدت) .. و الذي نسيته أصلا قبل أن أصل للبيت ، انتهت السالفة عند هذا الحد.. إلى أن قرأت قبل أسبوعين تقريبا على موقع مجلة التايم تقريرا مصورا يتحدث عن الأفلام الكارتونية التي تصلح للكبار….و إذا بآخر فلم منها هو نفس الفلم الذي لم أستطع تثبيت اسمه…..و نعم.. كان كارتونيا 🙂

اسم الفلم هو Waltz With Bashir ، نظرا لأنه فلم مهرجانات و ليس فيلما تجاريا وجدت صعوبة في إيجاد دار سينما تعرضه ، و لكن قبل أيام وجدت إنه يعرض بسينما قريبة منا و ذلك لمدة يومين فقط! بالطبع لم أفوت الفرصه و اتجهت فورا لمشاهدته.

بصريا.. الفلم رائع ، يجمع بين الرسوم المتحركة الثنائية و ثلاثية الابعاد و أسلوب الرسم و التحريك فيه نوع من الواقعية ذكرتني بفلم A Scanner Darkly ، صورت مشاهد الأكشن فيه بطريقة تضاهي أي فلم كارتوني غربي.. و إن كانت واقعية تلك المشاهد و ما تجسده من حوادث حقيقية تجعل من هذا الأمر أقرب للإيلام من الإثارة! و هنا أمر يميز هذا الفلم… يعني اعتدنا في أفلام الأكشن الكرتونية أن نتحمس عن اشتداد القتال مثلا.. و لكن هنا لا مجال للحماس و ذلك لإداركنا بأن ما نشاهده ليس أمرا خياليا بالكامل… بل مبني على حقائق واقعية!

الفلم لم يقدم شيئا جديدا تاريخيا ، فهو يتحدث عن أحداث حصلت بالواقع منذ 26 عاما و جميعنا سمعنا أو قرأنا عنها ، الجديد بالفلم هو طريقة عرض ذلك التاريخ ، فبطل الفلم هو جندي إسرائيلي فقد ذاكرته المتعلقة بأحداث الحرب بسبب الصدمة العاطفية التي تعرض لها خلال الحرب ، يصور لنا الفلم رحلته في تذكر تلك الاحداث عن طريق أحاديثه و لقاءاته مع زملاءه الذين كانو بدورهم -على العكس منه- يحاولون محي تلك الأيام من ذاكرتهم ، ما أيقظ رغبته في تذكر تلك الاحداث هو حلم متكرر كان يراوده… فنشاهد طوال الفلم ذلك الحلم و هو يمتد و ينحل تدريجيا حتى نهاية الفلم عندما يتحول إلى واقع.

ما أتذكره من كلام مخرج الفلم -وهو إسرائيلي- هو أن الفلم استقبل في إسرائيل بشكل إيجابي جدا ، فصحيح أن الفلم لا ينكر تورط “بعض قادة” الجيش الاسرائيلي في مذبحة صبرا و شاتيلا إلا أنه يظهر و يركز على الموقف الإسرائيلي المنكر للمجزرة و المتبرأ من الحرب ككل ، بمعنى آخر كأنه يقول “إحنا مالنا شغل… اللبنانيين المسيحيين اذبحوا الفلسطينيين المسلمين.. الله يغربل ابليسهم!” ، الفلم -كما ذكر المخرج- كان يستقبل من قبل السفارات الإسرائيلية في الخارج استقبالا احتفاليا… و يدفع دفعا للمشاركة بأي مهرجان أو مناسبة… و لهم الحق في ذلك.

الشيء الجميل -و الذكي- في فلم هو أنه كان يمسك العصى من المنتصف ، يعني هو لم يصور الجندي الإسرائيلي بإنه البطل المغوار… و لا الشريف العفيف ، بل كان تصويره له واقعيا ، فقدم الجندي الجبان.. و الجندي المتعصب.. و الجندي الغبي ، بمعنى آخر…و باختصار.. قدم شيئا لم و لن نشاهده بالأفلام العربية التي تتناول هذا النوع من القضايا! كذلك طرح الفلم نوعا من التعاطف مع الشعب الفلسطيني و العربي ، نعم نحن نفهم بأن هذا التعاطف مصطنع و أنه في أغلب الأحيان شيء غير واقعي.. بدليل نتائج انتخاباتهم و ما نشاهده يوميا في نشرات الاخبار ، و لكن الأمر مختلف بالنسبة للمشاهد الاجنبي .. فما سيراه و يتأثر فيه هذا المشاهد هو الجانب العاطفي الذي قدم له بجرعة مركزة ، و بصراحة… لولا اطلاعي البسيط على على تاريخ المنطقة في تلك الفترة لأثر فيني أنا أيضا! أو هو بالفعل أثر فيني بعد خروجي من دار العرض مباشرة..و احتجت لبضعة أيام حتى أستطيع العودة لصوابي و كتابة هذا الموضوع بتعقل.

الفلم جميل و يستحق المشاهدة ، نعم هو مأساوي و يجلب الهم قليلا…و لكنه بنفس الوقت ممتع و مثير ، أنصح بمشاهدته لمن يستطيع الحصول عليه… مع تذكر أنه للكبار فقط 🙂 ، دائما ما أقول… معلوماتنا التاريخية يجب أن تأخذ من الكتب لا الأفلام ، و لكن أستطيع القول بأن الأحداث التاريخية بالفلم لا بأس في دقتها ، فهي مبسطة (قد يكون أكثر من اللازم) و مباشرة فمن الممكن أن نشاهده بأمان قبل أو بعد أن نقرأ عن التاريخ قليلا.

————-

تحديث :

– لقاء مع مخرج العمل آري فولمان يتحدث فيه عن الطريقة التي تم فيها إنتاج العمل :

http://www.studiodaily.com/filmandvideo/technique/how/10305.html

– الجدير بالذكر أن الرسوم المتحركة تمت باستخدام برنامج “فلاش” ، و هذا أمر غريب لأن هذا البرنامج يستخدم عادة لإنتاج الرسوم المتحركة على الانترنت و ليس للسينما أو التلفزيون ، و لكن المخرج لجأ لهذه الطريقة توفيرا للمصاريف.

– سيتم طباعة قصة مصورة (Graphic Novel) مستوحاة من الفلم و إصدارها في الولايات المتحدة شهر يناير المقبل.