أرشيف التصنيف: Politics

التجنيد الإلزامي: حل أم سبب للمشاكل؟



قصتي مع التجنيد الإلزامي أليمة… رغم أنني لم أؤد خدمتي العسكرية أصلا! فقد كان اسمي -على ما أظن- مدرج ضمن قائمة الدفعة القادمة من المرشحين للخدمة العسكرية لولا قرار إيقاف العمل بها عام 2001 إن لم تخني الذاكرة (اذا احد عنده تصحيح للمعلومة يا ريت ينورني) ، رغم ذلك فقد سبق أن حوكمت و تبهذلت بسبب تأخري في إصدار دفتر التجنيد… ذلك الدفتر الأحمر الكريه! و لازالت غرامة الـ 50 دينارا التي عوقبت بها تلاحقني مع بعض المعاملات الرسمية التي أقوم بها و سببتلي أزمة محرجة للغاية في المطار في إحدى المرات.. و ذلك رغم إيقاف العمل بالعقوبة.

قد يثير طاري التجنيد جملا مثل “شخباري تجنيد!” أو حتى “تجنيد؟! شنو يعني تجنيد؟” ، عند قيامي بتجميع المعلومات و المصادر قبل كتابة هذا المقال اكتشفت بأنه كانت هناك مطالبات من بعض النواب لإعادة العمل بالتجنيد الإلزامي خلال آخر أيام المجلس السابق … و إن كانت تصريحاتهم و طريقة طرحهم للموضوع تجعلني أفكر بأن نواياهم و أهدافهم “تسييسية” و تجعل من التجنيد مطية للوصول إلى أهداف أخرى…. لكن ما علينا.

“شنو يعني تجنيد؟” … أكيد هناك بعضا من القراء الكرام لم يألفوا التجنيد الإلزامي.. و أنا نوعا ما واحد منهم 🙂 ، و لكن -باختصار- التجنيد الإلزامي ينقسم إلى دورة من التدريب العسكري يقضيها المجند في معسكر التدريب لتعلم الإنضباط العسكري و بعض المهارات القتالية (و إن كانت المهارات القتالية -حسب ما سمعت- لم تعد من أولويات التجنيد في آخر فتراته) ، لا أذكر كم هي مدة هذه الدورة (ما يقارب الشهر.. يكمن.. أو أكثر) يحبس فيها المجند بالمعسكر و لا يسمح له بالخروج منه ، بعد أن يتخرج المجند من الدورة يعود لحياته الطبيعية إلى أن يستدعى إلى الخدمة مرة أخرى لمدة شهر من كل عام في أحد أركان الجيش… يعني يبقى ضمن قوى الاحتياط ، الجدير بالذكر أن التجنيد كان إلزاميا لجميع الكويتيين من الذكور ممن تتراوح أعمارهم بين 18-30 عاما ما لم تنطبق عليهم شروط الإعفاء أو التأجيل.

كنت أفكر قبل فترة بأني مررت بحياتي بالعديد من التجارب و الخبرات المختلفة… و لم يبق لي من خبرات الحياة التي تمنيت اكتسابها إلا العسكرية.. و السجن 🙂 .. بس يعني ما كل ما يتمنى المرء يدركه 😛 ، قد تكون فترة الغزو جمعت بين الخبرتين … و لكن العسكرية بالتأكيد هي تجربة مختلفة و تتطلب تكييفا معينا لطريقة التفكير و التصرف ، من طبيعتي كره الإنضباط و تنفيذ الأوامر دون نقاش أو اقتناع… و هذه أهم متطلبات الحياة العسكرية ، لذلك طالما كرهت الانضمام للخدمة العسكرية أو الإنخراط للتخصص و العمل في المجال العسكري (رغم أني ولدت و عشت في بيت عسكري) رغم اقتناعي بأنني محتاج لذلك… نوعا ما… لاكتمال شخصيتي.

بالتأكيد.. إلغاء التجنيد الإلزامي (تجميد العمل به لكي نكون أكثر دقة) أو التفكير بإعادته هي أمور فيها وجهات نظر مختلفة و لها من السلبيات و الإيجابيات الكثير.

كنت أفكر منذ فترة بأن عودة التجنيد الإلزامي ستساهم بحل مشكلة التطرف الإجتماعي من جهتين ، فهي أولا.. و كما طرح نواب الذين تحثنا عنهم أعلاه.. قد تساهم في تعليم الشباب أن يكونو “رجالا” أشداء منضبطين (و إن كانت الروايات التي سمعناها تدل على أنه حتى في معسكرات التجنيد كان هناك شباب ليسو “مكتملي” الرجوله!) ، و من الناحية الأخرى… العسكرية ستزرع في قلوب الشباب الولاء للوطن و ستفرغ طاقتهم و حبهم للـ”أكشن” بشكل إيجابي ، الأمر الذي سيساهم في امتصاص التطرف ، نعم.. برأيي أن بعض المتطرفين و الجهاديين حبهم للـ”كلاش” يفوق ولائهم لما حملوه من أجله! لسبب ما لم يتطرق أحد لذلك الأمر إلى الآن رغم أن نظرة فاحصة لأدبيات و مواد الحركات الجهادية الإعلامية تكفي لاكتشاف ذلك.

من ناحية أخرى فإن الجيل الكويتي المدني غير المعسكر -رغم ما يقال عن ميوعته و تفاهته.. و تطرفه- ما انفك يثبت لنا مع كل ظرف يطرأ على البلد بأنه جيل واع و مثقف و حر… لا يقبل أن يفرض عليه أمر دون أن يكون له فيه رأي… و تلك هي سيمة الشعوب الحرة التي تسعى لمزيد من التقدم ، في أمريكا و بريطانيا و غيرها من الدول من يعمل في الجيش هم من المتطوعين المحترفين للعسكرية ، الأمر الذي يساهم في زيادة كفاءة تلك الجيوش و احترافيتها ، و لكن ذلك بطبيعة الحال لا يعني بأن جيشنا بوضعه الحالي يحتذي بتلك الجيوش المتقدمة… فبينما الجيوش المتقدمة تحاول استقطاب شبابا من ذوي المؤهلات في كافة الإختصاصات عندنا -للأسف الشديد- الجيش و كافة المؤسسات العسكرية تعتبر الملاذ الأخير لغير الموفقين دراسيا! يعني بينما من لا يوفق دراسيا في تلك الدول يتجه للاعمال المهنية الشاب عندنا يجد في العسكرية حلا سريعا لتجنب تلك الاعمال التي قد نكون أكثر حاجة لها.

الوضع مختل بكلا الحالتين.. بوجود التجنيد الإلزامي و بدونه ، لذلك فالمطلوب هو نظام جديد بالكامل يناسبنا و يحل سلبيات الأنظمة العسكرية الحالية و السابقة ، الحلول “المسيسة” لا تنفع ! الحل يجب أن يكون عمليا لا عاطفيا ، شخصيا.. أقول ياريته يقدم من الحكومة و ليس من المجلس علشان نبتعد عن التسييس اللي ماله داعي لقضية حساسة مثل أمننا القومي.

التجربة الهدرونية

أكتب اليوم عن موضوع أذهلني عندما قرأت عنه في موقع مجلة التايم ، شيء كنا نسمع عنه فقط في أفلام الخيال العلمي!

قبل أسابيع قليلة كنت أشاهد برنامجا تلفزيونيا علميا يتحدث عن سناريوهات توصل لها العلماء من المحتمل أن تسبب نهاية الحياة على الأرض ، البرنامج كان مثيرا للكآبة لأن تنفيذه كان بشكل درامي و يتناول حياة شخص واحد خلال أول يوم من آخر أيام الحياة على الأرض ، السناريوهات و الاحتمالات معروفه لنا ، فمرة يكون الاحتمال بسقوط نيازك عملاقة من الفضاء و مرة بانتشار وباء فتاك و أخرى بتسونامي عملاق أو ببركان تنشق عنه الأرض.. و هكذا ، جميع الاحتمالات مبنية على أسس علمية… عدى آخر احتمال… و هو الاحتمال الوحيد الذي قال عنه مقدم البرنامج بأنه من نسج الخيال ، الاحتمال الخيالي هو عبارة عن تجربة علمية عملاقة يحاول بها العلماء أن يخلقوا مجالا مغناطيسيا عملاقا في محاولة لمحاكاة ما يحدث للنجوم في نهاية موتها و تكوين “ثقب أسود” .. بغرض الدراسة طبعا ، و لكن خللا ما يحدث للتجربة مما يجعل هذا الثقب الأسود يخرج عن نطاق السيطرة و يلتهم الأرض و ما عليها! لا يخفى عليكم مقدار الأحاسيس السوداوية التي تشعر بها بعد مشاهدة هذا البرنامج ، فبالأفلام الخيالية عادة ما يقوم البطل بإنقاذ العالم.. أما هذا البرنامج فلا بطل فيه… يعني رايحين ملح رايحين ملح :mrgreen:

عادت إلي صور و ذكريات ذلك الفلم العلمي عندما شاهدت و قرأت تقرير التايم المصور بخصوص تجربة علمية ضخمة جدا تقوم منظمة الأبحاث النووية الأوربية CERN بوضع اللمسات النهائية لها هذه الأيام ، ستجرى هذه التجربة الضخمة و التي تم الاعداد لها على مدى خمسا و عشرين عاما في أكبر معمل للفيزياء الذرية في العالم ، نشاهد هذا المعمل في الصورة التالية :


lab

إي.. أخاف صج 😛

لا يبا.. هذا هو المعمل الذي ستتم فيه التجربة :


lab

إي والله صج هالمره.. هذا هو المعمل 🙂

كما ذكرت أعلاه… هذه التجربة تم الاعداد لها على مدى 25 عاما ، و القائم عليها هي منظمة الأبحاث النووية الأوربية و التي تكللت أبحاثها السابقة منذ عام 1952 إلى اليوم بالعديد من الاكتشافات التي غيرت وجه العالم ، لعل أبرز هذه الاكتشافات هي الفكرة التي خرج بها تيم بيرنرز لي عام 1990 من بين أروقة هذه المنظمة و التي عرفت لاحقا باسم…. شبكة الوب…. التي أخاطبكم اليوم من خلالها 😎


lab

يعني باختصار… هاذي ناس مو قاعدة تلعب 🙂

الآن… نعود للتجربة الخطيرة…

ما قام العلماء ببنائه داخل هذا المعمل هو منظومة يطلق عليها اسم المصادم الهدروني الجزيئي الكبير (The Large Hadron Particle Collider) ، ما أدري ليش على كثر هالعلماء اللي عندهم ما عرفوا يختارونله أسم أحلى مثل…. “صِدام”.. أو “هِدار” … أو “جَزائِـئ”.. مثلا يعني 🙄


lab

ما هي التجربة بالضبط؟

هنا نأتي للكلام الثقيل !

باختصار.. و كما فهمت… هي خلق أجواء مشابهة لما حدث عند بدأ تشكل مادة الكون عندما حدث ما يطلق عليه اسم الانفجار العظيم Big Bang ، ما سيحدث داخل المصادم الهدروني (الذي نرى جزءا منه في الصورة أعلاه) هو إطلاق شعاعين من جزيئات يطلق عليها اسم “هدرونات” عبر أنابيب دائرية بطول 27 كيلومترا و مدفونة تحت عمق 100 متر تحت الأرض باتجاهين متضادين و بسرعة عالية جدا يتم التصادم بينهما بالنهاية ، عند التصادم سيقوم العلماء باستخراج ملايين الجيجابايتات من المعلومات عبر مجموعة من أجهزة الرصد و القياس.


lab

إحدى أجهزة القياس -والتي نراها بالصورة أعلاه- تتكون من ملف مغناطيسي سيقوم بإنتاج مجال كهرومغناطيسي أكبر بمئة ألف مرة من المجال المغناطيسي للأرض (100.000مرة) ! لف هذا الملف المغناطيسي فقط استغرق خمس سنوات… نفس عدد السنوات التي نضع لها خطة التنمية لدولتنا/دولنا الكريمة 🙂


lab

لكي نكون دقيقين.. عدة تجارب ستجرى باستخدام المصادم الهيدروني ، أجهزة الكمبيوتر التابعة للمنظمة ستقوم بمعالجة ما يقدر بخمس عشر مليون جيجابايت من المعلومات… سنويا! تلك المعلومات لن تكون حصرا على علماء المنظمة ، آلاف العلماء حول العالم سيشتركون في تحليل تلك المعلومات باستخدام عشرات الآلاف من أجهزة الكمبيوتر الموصولة بشبكة عالمية لتتوزع من خلالها عملية التحليل ، أعتقد بأنه سيطلق على تلك الشبكة اسم “درع الجزيئة”… لحظة خل أجيك…. لا لا.. سيطلق عليها اسم “الشبك” (Grid) 😐

lab

ماكو جهاز القياس اللي تكلمنا عنه و اللي صارلهم خمس سنين يلفون وايراته؟ ذلك الجهاز هو واحد فقط من أجهزة القياس التي ستستخدم كما ذكرنا ، عدد العلماء الذين سيشاركون أو يعاونون في التجارب المتعلقة به يقدر بأكثر من ألفي عالم (2000) من سبعا و ثلاثين دولة ، أكيد الحين تسأل… أنا اسمي مكتوب؟! … ما أدري… لكن انتظر إلى نهاية هذا المقال.


lab

جهاز آخر للقياس هو الذي نرى جزءا منه في الصوره أعلاه مهمته هي قياس المادة (Matter) التي ستنتج تحت الحرارة السوبر فائقة التي سيحدثها المصادم الهدروني ، الحرارة أكثر فقط بمئة ألف مرة من حرارة الشمس… بس 🙂 ، عاد هالتجربة لازم يشرف عليها واحد كويتي… لأن إحنا عندنا خبرة بالحرارة العالية ما يشاركنا فيها إلا الضبان و العقارب 😈 ، تلك الحرارة المتوقعة ستعادل الحرارة التي حدثت بعد الانفجار العظيم و تكونت منها مادة الكون.


lab

مجموع التجارب المخطط لإجرائها في المصادم الهدروني الكبير هو ست تجارب.. استعرضنا منهم اثنتين ، هناك العديد من “النظريات” التي فكر بها العلماء حول ما يمكن أن يحدث أو ينتج من عملية الاصطدام المدروس ، علماء منظمة الأبحاث النووية الأوربية متأكدون من أن نتائج هذه التجارب ستفتح الباب للخروج بأجوبة للكثير من الأسئلة العالقة بلا جواب في مجال الفيزياء النووية.

الكثير من الأسئلة تدور ببالي… و ربما ببالك أيضا حول هذه التجربة و ما حولها ، إلى أين نحن ذاهبون.. و إلى أين سنصل؟ ما هي منتجات نتائج هذه التجارب؟ طبعا… كيف يفكر هؤلاء و كيف نفكر “نحن”؟ ما هي الأخلاقيات التي تحكم أو ستحكم هذه التجارب؟

و طبعا.. أول سؤال تبادر إلى ذهني هو… مالذي يمكن أن يحدث إذا صار شي غلط؟ خاصة و أن صورة أنابيب الأشعة الهادرونية تشبه بشكل مخيف جهاز تجربة الثقب الأسود الذي شاهدته بالفلم سيء الذكر! و خاصة أيضا أن التجربة ستكون في فرنسا… يعني يمنا 😆

بالنهاية يجب أن أذكر أنه بعد قرائتي لتقرير مجلة التايم توجهت لموقع وكالة الابحاث النووية الأوربية و سرني قرائتي لخبر توقيع بروتوكول تعاون بين المنظمة و بين المملكة العربية السعودية ممثلة بجامعة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم و التكنولوجيا ، الأمر الذي سيتيح للعلماء السعوديين مشاركة مع نظرائهم من علماء مختلف دول العالم و الاستفادة من تجاربهم و خبراتهم المختلفة ، الجدير بالذكر أن اتفقات مماثلة تمت بين الوكالة و دول أخرى من دول المنطقة مثل الجزائر و مصر و إيران و الأردن و المغرب و باكستان و الإمارات العربية المتحدة ، فهل سيشارك علماؤنا بالتجارب الهدرونية؟

ربما 🙂

——-
مصادر:
مجلة التايم:
The Large Hadron Particle Collider

موقع منظمة الأبحاث الذرية الأوربية:
European Organization for Nuclear Research

———

تحديث:

http://www.moayad.com/me/?p=206

انتخاب الفكرة


omma

تعمدت خلال الفترة السابقة أن أتجنب الكتابة في السياسة و لم أفكر بالعودة لها -مؤقتا- الا بعد أن استقرت الأمور في البلد -نسبيا- و بعد أن أحسست بحاجة لطرح فكرة محددة أردت التعبير عنها.

بالبداية أود أن أشيد بأحد الكتاب الرائعين و الذي يمتعني و يفيدني بكتاباته اليومية في جريدة الجريدة ، الكاتب الشاب حمد نايف العنزي.. أحد الكتاب القلائل جدا الذين أحرص على متابعة أعمدتهم بشكل شبه يومي ، كتب حمد العنزي قبل أسابيع مقالا هاما جدا طرح من خلاله قضية بغاية الحساسية و هي قضية إشهار الأحزاب في الكويت ، أهم ما يميز مقالة الأخ أحمد -و يميز أغلب كتاباته- هو طرح القضية بشكل متوازن ، ذكر من خلال تلك المقالة كلا الرأيين.. المعارض و المؤيد لإشهار الاحزاب و ذكر بالنهاية وجهة نظره الشخصية تاركا للقارئ حرية تكوين رأيه كما يشاء وفق ما قدم له من معطيات ، أنصح و بشدة قراءة مقال حمد العنزي بعنوان الأحزاب السياسية في الميزان! في جريدة الجريدة بتاريخ 6/5/2008.

كنت أستمع للإذاعة البريطانية يوم أمس و كان الموضوع المطروح من خلالها هو النظام الطبقي في بريطانيا ، في السابق كانت الطبقية أمر مسلم به في بريطانيا و أجزاء كبيرة من أوربا ، يعني هناك الطبقة الارستقراطية المالكة من جانب و الطبقة العاملة من جانب آخر ، يعني الشغله كانت عادية… ناس تملك و ناس تشتغل عندها ، و لكن من بعد الثورة الفرنسية تغيرت أوربا -و بريطانيا من ضمنها- ليصبح النظام الطبقي شيئا من الماضي ، فذابت الحواجز بين تلك الطبقات و أصبح الكل لديه القدرة على التملك و ظهرت الطبقة المتوسطة بشكل واضح ، ما طرح من خلال البرنامج هو عودة الطبقة العاملة الفقيرة مرة أخرى للوجود في بريطانيا مؤخرا ، هو أمر قد لا يكون ملاحظا بوضوح ولكن ، كما قال ضيف البرنامج ، هناك عائلات كثيرة في بريطانيا قد تملك جهاز تلفزيون مع دي في دي.. و لكنها لا تملك مقومات الحياة الأساسية كالمسكن المناسب و المأكل الصحي.

الآن ، ما يهمنا من الموضوع هو ما قاله ضيف البرنامج بعد ذلك ، أحد أسباب المشكلة الطبقية تلك هو أن الحزبين الرئيسيين في بريطانيا تحولا إلى عبدين يسعيان إلى إرضاء تلك الطبقة الغنية المالكة و نسيا الطبقة التي تحتاج الرعاية أكثر من غيرها ، ثم قال ، و هذا مربط الفرس ، أن الحاجة الآن هي لتأسيس حزب جديد يرعى مصالح تلك الطبقة و يسعى جديا لحل مشاكلها.

سواء تم تأسيس ذلك الحزب أم لا… سواء نجح أم لم ينجح… و سواء حقق ذلك الحزب المبتغى منه أم لم يحقق هي أمور غير مهمة الآن ! ما يهم هو فكرة أن يؤسس حزب و يجمع الناس من حوله و توضع له الخطط و البرامج إعلاء لفكرة محددة أو مبدأ واضح و دقيق ، قد لا يحقق الحزب الجديد نجاحا سياسيا مباشرا فور تكوينه… و لكنه بالتأكيد سيكون لنفسه ثقلا و يمارس ضغطا لابد و أن تحسب له بقية الاحزاب حسابا و بذلك يكون قد بدأ بتحقيق مبتغاه تدريجيا.

لنتخيل الآن أن الأحزاب لا وجود لها ، أو بمعنى أخر لنتخيل أن تلك القضية طرحت لدينا في الكويت ، من سيسعى لحلها؟ أي نائب أو مرشح سيتبناها؟ كم نائب أو مرشح سيهتم بها؟ إن وعد مرشح أو نائب.. أو مجموعة من النواب أو المرشحين بحلها… من سيتابعهم و يحاسبهم بعد ذلك على اهتمامهم أو تقصيرهم تجاه تلك القضية؟ باختصار ستكون تلك القضية ورقة أخرى تضم لملفات القضايا التي تنتظر حلا منذ عقود من الزمن!

الآن لنتخيل أننا سعينا لتكوين أحزابا “فكرية” في الكويت تهتم بشؤون المرأة أو التعليم أو الاسكان أو حقوق الانسان أو البدون أو البيئة.. كيف سيكون حال هذه القضايا و الاهتمام بها؟ قد يقول القائل أنه بالفعل لدينا حركات و تجمعات و تيارات إسلامية و ليبرالية و قبلية و بطيخية! .. فما حاجتنا “للأحزاب”؟ باختصار تلك التجمعات و التكتلات والحركات هي منظمات (أو غير “منظمات”) تحمل أفكارا و مبادئ و توجهات عامة ومشتتة، أغلب أعضاء مؤيدو الحركات والتكتلات الحالية هم من حملة الأفكار العامة أو التوجهات العامة أو حتى النَسَب لتلك المنظمات، أي أن ما يجمع أعضاء ومؤيدي الحركة الفلانية هو كونهم يعتنقون المذهب الفلاني أو يتبعون أفكار العالم أو الشيخ الفلاني أو ببساطة ينتمون إلى القبيلة الفلانية، في هذه الحالة الولاء سيكون للمذهب أو الشخص أو القبيلة قبل أن يكون لقضية بذاتها.. وهنا مكمن الخطأ… خاصة في ظل عدم وجود قانون ينظم عمل هذه المنظمات و يوفر سبل متابعتها و محاسبتها، أضف لذلك أن وضع الحركات والمنظمات الحالية عائم عندما يكون الحديث عن تحالفاتها مع بعض أو صفقاتها مع الحكومة، فلا مبدأ يحدد طبيعة تلك التحالفات والصفقات إلا “المصلحة” البحتة.. وليس بالضرورة أن تتوافق تلك المصلحة مع مصالح الشعب! لذلك نرى الليبرالي فجأة أصبح “من ربع” الإسلامي… والتاجر فجأة وقف في صف القبلي… وكل ذلك يتم تحت مسمى “المصلحة” الوطنية، فمن في هذه الحالة يستطيع أن يقف في وجه هذه التحالفات أو يسأل عن “المصلحة” الحقيقية من ورائها؟ أضف لذلك أنه بالوضع الحالي لا يستطيع الناخب أن يحاسب حتى المرشح الفرد على مواقف تياره أو كتلته، فإن وقفت له بخيمته وسألته عن موقف كتلته السلبي حول قضية ما فإنه يستطيع بسهولة أن يقول: “أنا فلان الفلاني، رأيي الجماعة لا يمثلني!”، هذا الأمر من المستحيل أن يحدث في الدول التي لديها قوانين تنظم العمل الحزبي فيها.

بالبداية كان -و لازال- اختيار المرشح يرجع لشخصه ، بعد ذلك جربنا الاختيار وفقا لتوجه أو تيار أو قبيلة ، و كلا التجربتين تدور حول نجاحهما الكثير من علامات التعجب و الاستفهام ، والآن… ألم يحن الوقت لنجرب اختيار الفكرة كبديل لهما؟ برأيي أن الوقت حان لنفكر جديا في ذلك الأمر.

التلفزيون المجتر

cow Mother and Child Divided Damien Hirst
Damien Hirst, Mother and Child, Divided (detail), 1993

الاجترار (Rumination) هي عملية تحدث داخل أجسام بعض الحيوانات يتم فيها استرجاع الطعام شبه المهضوم من المعدة إلى الفم مره أخرى من أجل إعادة مضغه، يعني الحيوان المجتر (مثل البقر) يمضغ الشعير مثلا ويبلعه… لكن يبقى منه جزء أليافه عالية جدا وما تقدر المعدة تحلله لذلك تقوم المعدة (المعدة الأولى) بإعادة هذا الطعام إلى الفم مره أخرى علشان يتفتت ويتحلل عدل وبعدين ينبلع مره ثانية، ولهذا السبب نشاهد أحيانا بعض الحيوانات تحرك فمها وكأنها تمضغ شيئا ما رغم عدم وجود طعام بجانبها.

أدري لوعت جبودكم بهالوصف :mrgreen: … بس ميخالف… كله في سبيل العلم 😛

عملية الاجترار يبدو أنها لا تخص فقط الحيوانات المجتره، فهناك كائنات ومنظومات أخرى تقوم بنفس العملية بشكل أو بآخر، فالاجترار أنواع… يعني هناك اجترار سياسي واجترار فكري واجترار ثقافي والتي في كثير من الأحيان لا تقل تلويعا للجبد من الاجترار الغذائي!

تلفزيون الكويت ومنذ سنوات طويلة مارس عملية الاجترار الإعلامي بأشكال مختلفة، بدأتها سهام مبارك ببرنامجها الذي كانت تقدم فيه الأغاني الكويتية والخليجية الأسود وأبيض واللي الناس (أو بالأخص الشياب) حبوه واستانسوا عليه في فترة التسعينات لأنه كان مميزا في فكرته وطريقة طرحه في تلك الفترة، لكن في الآونة الأخيرة يبدو أن أحدا ما لاحظ السهولة الإنتاجية لهذا النوع من البرامج لتنهمل علينا البرامج المستنسِخة له!!

بصراحة لا أستطيع حتى أن أحصى عدد برامج “الاجترار” التي قدمها (أو يقدمها) تلفزيون الكويت لأنه بسبب تشابهها لا أستطيع حتى أن أتذكر أسماءها! يعني في برنامج يقدمه سعد الخلف يحط فيه أغاني ومسلسلات ومسرحيات قديمة، قبل شوي كنت قاعد أطالع برنامج اسمه “زماني” تقدمه مذيعة جديدة ما أعرف اسمها حاطين فيه برامج وثائقية من أيام الحرب الباردة، خلال الدورات القليلة الماضية كان هناك على الأقل برنامجين لهم نفس الفكرة بالضبط وأيضا يقدمونهم مذيعات جدد ما أعرفهم، أضف لذلك برنامج منى طالب اللي تجابل فيه الكاميرا وتسولف لنا عن أيام “الزمن الجميل”.. وبرنامج بدر بورسلي اللي يقابل فيه الشياب والعيايز ويسألهم عن “أيام أول”… وما راح أتكلم عن البرامج العلمية والوثائقية الأثرية اللي يحطونها قبل الفجر!!

أضف إلى ذلك البرنامج الخاص الفذ الذي قدمه تلفزيون الكويت قبل چم أسبوع بمناسبة مرور 46 عاما على تأسيسه واللي يتكلم عن مراحل “تطور” تلفزيون الكويت خلال -شبه- نصف القرن الماضي، ليش ما نطروا لما يكملون نصف قرن كامل؟ الله أعلم!! يمكن الوزير خاف إنه ينشال قبل لا يكمل الأربع سنين اللي بقت 🙄

أوكي… زماننا كان جميلا وقدمنا خلاله أشياء حلوة وتستاهل التوثيق والاستذكار، لكن لي متى بنقعد نسترجع هالتاريخ ونعيد مضغه مرة وثنتين وثلاث؟

بعرف شي واحد، معدي هالبرامج ما سمعوا بشي اسمه يو تيوب؟

ما أبالغ إذا قلت بأن ما يقارب 50% من الفقرات اللي قدمها سعد الخلف في برنامجه موجودة على اليوتيوب ومقدمينها NiceQ8i و K0003 و hummer15al قبلهم، الأمر اللي يخليني أشك إن المعد شاف الفقرات في اليوتيوب وبعدين راح يدورها في مكتبة التلفزيون!

اذا كانت البقرة تلجأ للاجترار توفيرا للغذاء أو حفاظا على جهازها الهضمي، فما هو عذر تلفزيون الكويت؟ ما عندهم فلوس يسوون برامج جديدة؟ أم أن مكتبتهم ما فيها مكان للمزيد منها؟

أحيانا أحس أن تلفزيون الكويت يبيله بلوق خاص فيه من كثر الضيم والبلاوي اللي فيه!

========

تحديث: بدأت كتابة هالموضوع بعد ما شفت برنامج “زماني” مباشرة، بعد ذلك بدأت الأخبار… والآن رجعت لتلفزيون الكويت ولا حاطين برنامج لسعد الخلف اسمه “غشمرة”… أيضا من النوع المجتر!! يعني برنامجي اجترار خلال أقل من ساعتين!!!

تحديث 2: بعد “غشمرة”… التلفزيون يعرض الآن برنامجا “وثائقيا” يحمل اسم “طريق الحرير” ! ضع في بالك أن اليوم هو الجمعة… بداية نهاية الأسبوع!

لن ننسى

[youtube]K8AZXrhR2aY[/youtube]
لتحميل الفيديو بجودة عالية download
لتحميل النشيدة كاملة mp3


ليست دعوة للكره أو إثارة الأحقاد ، و لكنها دعوة لتذكر التاريخ و عدم نسيان من فقدنا و ما فقدنا ، و دعوة لمذاكرة الدرس الذي قد نكون بدأنا نسيانه لكثرة ما لهونا و لعبنا و انشغلنا عنه بما لا ينفعنا يوم الامتحان!

المشكلة الكبرى هي أني أحس بأن هناك من “يبينا” ننسى!

ليش؟

هل هي مجرد “حسن النية” و الحرص على “روح الأخوة” و “وحدة الصف العربي” مثلا؟

أم أن هناك من يسعى “لإرضاء” أحد ما؟

أم أن الجماعة “مالهم خلق” يتذكرون هاليوم؟

ما أدري!

أتمنى أن يكون هناك أحد ما لديه الشجاعة الكافية لإقناعنا بسبب التغييب المتعمد أو شبه المتعمد لذكرى هذا اليوم.

على العموم.. هاذي كانت مشاركتي و محاولتي لتذكير نفسي -على الأقل- بهذا اليوم..

لن أنسى دمارا قد حل في بلدي

لن أنسى سياطا قد أكلت من جسدي

لن أنسى دموع الأم على الولد

لن أنسى طفل من الخوف يرتعد!

و شاب قطعت يداه

و طفل ينشد أباه

و أمه تبكيه دما

بنيّ من رآه؟!

بيوت خالية

أقدام دامية

ونار في كل ركن و زاوية

فهنا تصيح الأم على الولد

و هنا يصيح الإبن على البلد!

على فكرة.. اليوم هو الثاني من أغسطس.. الثاني من آب.. يوم النداء العظيم؟

إذا ما تدري اليوم شنو يصادف.. و ليش انا كاتب هالبوست فهاذي مصيبة! لكن بنفس الوقت ما تنلام 😛

إي..

واللي يما يحبون الأناشيد أهديهم هاذي: