Stephanie McGehee, Dust in the Wind, Time Magazine, 2008
“الغبار غبارنا… العمارات عماراتنا… الحمام حمامنا…. لكن المصورة اسمها ستيفاني مكجي!” كان هذا هو ما ذكرته في نفسي عندما شاهدت الصورة أعلاه من ضمن صور الاسبوعلمجلة التايم، و ستيفاني مكجي -كما اكتشفت لاحقا- هي مصورة وكالة رويترز الاخبارية المقيمة في الكويت ومن قبل ذلك – قبل الغزو – كانت كذلك المصورة المقيمة للأسوشييتد برس… وفي وقت فراغها تعمل كمصورة أعراس مشهورة (كما قرأت)، لكونها متواجدة بالكويت منذ عام 1977 فإنها بالتأكيد تجيد العربية ومطلعة على الثقافة الكويتية أكثر من بعض الكويتيين.
ستيفاني مكجي والتايم وصور الأعراس ليست موضوعنا هنا، فما كانت تلك إلا مقدمة لموضوع أكثر أهمية لنا كمصورين نحترم فننا ونسعى لتطوير قدراتنا.
الصورة أعلاه – والتي تظهر فيها عاصفة رملية مريعة مرت على البلاد – التقطت يوم الأربعاء الموافق 30 من إبريل لعام 2008 … أين كنت وماذا كنت تفعل في ذلك اليوم؟!
عندما تكون الشمس مشرقة والغيوم متفرقة والسماء زرقاء والنسيم عليل في فترة ما بعد العصر فإن أي شخص لن يستطيع حتى أن يقاوم سحب كاميرته والتقاط أجمل الصور في هذا الجو الرائق، وأقول أي “شخص” ولم أقل أي “مصور”، فهي بالتأكيد لحظات ممتعة ويتمنى الجميع الاحتفاظ بذكرياتها لأطول فترة ممكنة، والنتيجة؟ مئات الآلاف من الصور الجميلة….. المملة في نفس الوقت!
تذكرت عندما شاهدت صورة استيفاني إعلانا قرأته قبل فترة شدني فيه “تملل” أحد المصورين من الجو المشمس الجميل واشتياقه لصوت الريح والمطر :
جميعنا بالتأكيد لا نستطيع أن نخفي دهشتنا وتعجبنا عندما نرى مشاهد الأعاصير وحرائق الغابات وغيرها وقد نستغرب من جرأة المصورين الذين قد يخاطرون بحياتهم من أجل صورة أو لقطة لشيء غير “جميل”، تلك الأحداث والأحوال الجوية والظواهر الطبيعية – أو غير الطبيعية – لا تحدث كل يوم… وهذا هو سر “جمالها”… الداخلي.
نرجع الآن لسؤالنا، أين كنت يوم الأربعاء 30 أبريل؟ لأنه في ذلك اليوم مرت على البلاد حالة جوية غير عادية وتستحق التوثيق… لست أنا من يقول ذلك بل مجلة التايم… ورغم ذلك عندما اطلعت على صور مصورينا الكرام في فلكر ومجموعاته المختلفة لم أجد – حتى الآن – إلا عددا من الصور لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة فيه توثيق لتلك الحالة الجوية الغريبة… بغض النظر إن تم بشكل فني أم لا.
أحداث الـ30 من إبريل ما هي إلا مؤشر واحد على الوجهة التي تسير إليها ثقافتنا التصويرية، والمؤشرات غيرها كثيرة، قبل فترة كنت أقرأ تغطية لرحلة تصويرية نظمتها إحدى المجموعات التصويرية جزاهم الله خيرا لإحدى المحميات الطبيعية، الرحلة كانت جميلة ما شاء الله وأتت بنتائج طيبة كما قرأت، ولكن ما شد انتباهي أثناء قراءتي للتغطية هو ذكر الكاتب لحدث مهم حصل أثناء تواجدهم بالمحمية الا وهو مرور “سراية” عليهم أثناء تواجدهم في البر… ثم “صار الجو حلو” وختم التغطية بصورة حلوه لذلك الجو الحلو 🙂 ، بحثت عن السراية – والتي بنظري هي أهم حدث بالرحلة – ولكني لم أجد لها أثرا… فصور الجو “الحلو” أخذت محلها بالتأكيد!
هل نخاف على أنفسنا؟ هل نخاف على عددنا؟ أم أننا “مالنا خلق نصور” عندما لا يكون الجو موافقا لمزاجنا؟
بماذا نفرق نحن كمصورين جادين عن “أي شخص عنده كاميرا” عندما يمنعنا الكبرياء – أو الخوف – من تحدي المطر أو الوقوف بوجه الريح؟
Shot it one afternoon after a day spent in the library, followed by three days of post production. I don’t know why the creative feeling come out extra strong after getting out of the library or class, this is not the first time. It could be because of being free after long hours of staying between the dark 4 walls, or it could be the long hours of reading actually opening some closed channels in the brain, I don’t know… somebody should study this phenomena.
نعرض في هذه الزاوية صورة لأحد المصورين و نقوم بتحليلها و النظر لما هو أبعد مما تراه العين ، في هذه الحلقة نتناول صورة The Center للمصور Hussain Shah.
هناك مقولة إنجليزية تقول بأن الأمور تصبح أكثر إثارة كلما اقتربنا من قلبها… أو منتصفها.
الأرض تزداد حرارتها كلما اقتربنا من لبها ، “حلاوة المصاص” يقبع في قلبها “العلك” اللذيذ ، منتصف مجموعتنا الشمسية هي الشمس التي فيها سر حياتنا ، في قلب صندوق المجوهرات نخبأ الكنز.. و كل سر غال علينا لا مكان أفضل لتخزينه من .. القلب.
فماذا نجد في “قلب” هذه الصورة؟
زرت أبراج الكويت قبل شهر تقريبا مع زوجتي أم دانة ، و أثناء تواجدنا في إحدى قببها سألتها : ” ترى ماذا ستكون الكويت دون “الأبراج”؟ ” ، نعم هي مجرد أبنية اسمنتية عالية.. و لكنها “هي” رمز الكويت الحديثة منذ عشرات السنين ، و “الرمز” دائما له قيمة عاطفية عظيمة… بعظم ما يرمز إليه.
في كثير من الأحيان يعاب على الصورة أو التصميم كون عنصرها الأساسي في المنتصف ، كثيرا ما يقال : “يجب أن تتبع قاعدة التثليث… إنه القانون!” .. و هو -بشكل عام- كلام صحيح في ظاهره.. و لكن -بالتأكيد- ليس دائما ، لا يمكنني حتى أن أتخيل كيف يمكن لهذه الصورة أن تنجح لو كان عنصرها يقبع في أحد أثلاثها! ماذا سنسميها حين إذن… “The Third”!!؟ مستحيل! لا يمكن أن تكون هذه الصورة بشكل غير ما هي عليه الآن!
خطوط أمواج البحر ، خطوط الغيوم ، خط الساحل ، و نقطة التقاء البر بالبحر… كلها تشير لرمزنا و تدفعنا لنركز عليه و كأنها تحدثنا بلغة الإشارة بمحاولة يائسة للتواصل معنا ، كأنها تقول…
استوقفتني صورة الأخ عباس التي نراها أعلاه و شدني إليها شيء لم أدركه بالبداية ! ترى ما هو الشيء الغريب الذي يميز هذه الصورة عن غيرها من الصور التي شاهدتها مؤخرا؟
بعد لحظات تأمل.. و بعد قرائتي لوصف الأخ عباس لها استوعبت بأنها واحدة من صور قلائل نرى فيها “الشارع” المحلي الكويتي!
هل تشك بوصف “القلائل”؟
أنا أيضا شككت بالأمر و أردت أن أتأكد ، فبحث ضمن صور مجموعة تصويري على فلكر عن كلمتي kuwait و street .. فظهر لي ما لا يتجاوز الـ 81 صورة فقط… الكثير منها ليس لها علاقة بشوارع الكويت أصلا!
ما السبب يا ترى؟
هناك عدة أسباب ، أحد هذه الأسباب هو كوننا “تعودنا” على شكل الشارع المحلي ، لذلك لم تعد أعيننا ترى في شارع “فريجنا” أي شيء مميز يستحق أن نصوب عدستنا تجاهه.
سبب آخر هو كوننا في كثير من الأحيان لا نفكر حتى في “المشي” في تلك الشوارع المنسية ، أغلبنا لا يمشي خارج بيته إلا إلى باب السيارة… هذا إن لم تكن السيارة داخل البيت أصلا! و ثم لا يمشي خارج سيارته إلا إلى باب محل وجهته… أو إلى سوقه أو بحره أو حديقته… و هي مواضيع التصوير التقليدية ، و الارتباط بين المشي على الأقدام و بين التصوير هو ارتباط وثيق و لا يخفى على أحد ، و دليل آخر على ذلك هو كون أغلب الشوارع التي نقوم بتصويرها هي خارج البلد لأننا لا نملك سيارات هناك… و لأننا لسنا “معتادين” عليها.
سبب ثالث لقلة صور الشوارع المحلية لدينا.. و هو سبب غير مقنع بالنسبة لي.. هو رداءة الجو لدينا! مع أن الجو الرديء موجود في كل مكان بالعالم… و مع أن المصور الجاد لا يضع الجو حجة يبرر بها كسله الفني… و لكنه بالنهاية عذر 🙂
سبب أخير… وهو “الخوف” الاجتماعي! يعني الكثير منا يخشى أو “يستحي” أن يخرج للشارع حاملا كاميرته ليصور بها أحياء الناس و بيوتهم و سياراتهم.. خصوصا وهو ماش على قدميه ، يعني بمكان عام و بعيد عن العالم و الناس ما يخلون الواحد.. بعد تبي تصور بوسط الفرجان! المسألة محتاجة لجرأة.. أو لذكاء يتيح لك أن تصور بالمكان أو الوقت المريح و الناسب لك.
بالنهاية ، أترككم مع هذه المجموعة المتواضعة (كما) لصور شوارع.. طرق.. سكيك و فرجان الكويت.. و المناطق المحلية :
الصورة أعلاه ليست صورة أرشيفية ملتقطة بالستينات أو السبعينات.. أو حتى الثمانينات ، بل هي -و للأسف الشديد- ملتقطة قبل أسابيع قليلة في أواخر شهر فبراير من عام 2008 ! أما مكان التقاطها فهو مكتبة الكويت الوطنية و التي -من المفروض أنها- تعتبر أعرق و أهم مكتبة عامة بالكويت ، تم تصوير الصورة بالسر طبعا -في ظل عدم تواجد أمين المكتبة ساعتها- لأن ادخال الكامير أو أي شنطة.. أو حتى اللابتوب… ممنوع لسبب ما!
ليست هذه قضيتنا ، بل ما يهمنا الآن هو محتوى هذه الصورة :
-التصوير الفوتوغرافي
-آلة التصوير
-الإضاءة و الفلم
-التحميض و الطبع و التكبير
هذه فقط بعض عناوين الكتب التي احتواها هذا الرف ، هناك رفان آخران لا يختلفان كثيرا عن ما نراه في هذه الصورة لا شكلا و لا كما و لا مضمونا !
ما أثار حيرتي أثناء تجوالي بين أرفف هذه المكتبة… و قرب هذا الرف بالذات هو سؤال راودني ، هل هذا بالفعل آخر و أحدث ما كتبته يد أساتذتنا في مجال التصوير؟ هل أحدث معلومة من الممكن أجدها في مجال التصوير الفوتوغرافي موجودة في كتاب يطلق على الكاميرا وصف “آلة” و آخر يتحدث عن “الفلم” أو “التحميض”؟
تصفحت بعض هذه الكتب على عجالة و وجدت بأن أحدثها هو كتاب منشور في منتصف التسعينات من القرن الماضي (1994 إن لم تخني الذاكرة) ، و حتى هذا الكتاب ليس لعالم الديجيتال فيه من ذكر.. و ما يحتويه من صور و رسومات يبدو أنها مأخوذة من الكتب التي تجاوره… و التي تتراوح تواريخ نشرها بين الستينات و السبعينات… و مراجعها ترجع للأربعينات و الخمسينات أو أقدم من ذلك… و هلم جرا ! و تكفي نظرة سريعة على أغلفة هذه الكتب أو أوراقها الصفراء لسد نفس كل من يتجرأ على فتحها للاستزادة من ما فيها من معلومات ! إلا إن كنت تنوي كتابة بحث عن “تاريخ” التصوير الفوتوغرافي.. في هذه الحالة “فقط” ستفرح كثيرا بمحتواها “الأرشيفي” 🙂 .
من جانب آخر.. تكفيك زيارة سريعة لأي مكتبة في أي دولة غربية لتجد الأرفف المتعددة من أحدث و أزهى الكتب ذات الأوراق المصقولة و الألوان الناطقة في مختلف “مجالات” التصوير ، غب عن تلك المكتبة لبضعة أسابيع و ارجع لها مرة أخرى لتجد الأرفف تغيرت و محتواها تجدد و تبدل بكتب أحدث من سابقاتها و ألوان أجمل و طباعة أفخر !
الجملة الانكسارية المعهودة و التي تأتينا دائما عند عقد المقارنة بين ثقافتنا و ثقافة الغير هي :
“احنا ويييين .. و اهما وين !”
نعم احنا وين؟!
أين هم كتابنا؟ أين هم أساتذتنا؟ أين هم مراكزنا و مجموعاتنا و نوادينا؟ أين أنت من التصدي لهذا التراجع الثقافي؟
بضع دروس و نصائح في موقع أو منتدى أو دورة أو تجمع أسبوعي -وهي أشياء جميلة- لا تكفي ، ما يكفيني هو تحميل الكتب التي نراها في الصورة أعلاه في صناديق و نقلها إلى قسم “المخطوطات”… و من ثم ملأ الفراغ الذي خلفته بكتب لامعة براقة تذهل العين بجمال صورها و تغطي مجالات البورتريه و اللاندسكيب و الماكرو و تشرح أنواع أستوديوهات التصوير و أحدث معداته و تعلم أصول الفوتوشوب و اللايتروم و الابرجر و تقنيات الاتج دي آر و تعديل و تحسين الألوان و تغطي أفكار و مبادئ المدارس الفنية المعاصرة و تعلمنا كيف نستمتع بالنظر للصورة و تحليلها ، على شرط… و هو أن أجد بعد سنتين على الأكثر نصف هذه الكتب قد حملت إلى قسم “المخطوطات” و أخذت مكانها كتب أجمل و أبهى منها! عندها فقط أستطيع أن أقول بأني قد وجدت تلك الثقافة الضائعة.