علي أن أعترف بأني قرأت كتاب “ڤي فور ڤانديتا V for Vendetta” للكاتب آلان مور، وهي رواية مصورة، بدافع من الفضول حول الشخصية “ڤي”، تلك الشخصية المقنّعة بالقناع البورسلاني الباسم بشنبه الرفيع المميز، من هو ذلك الڤي الوارد في قصة ڤي فور ڤانديتا؟ ما أهمية هذه الشخصية؟ وما سبب انتشار صورتها مؤخرا وارتباطها بالحركات الثورية المعاصرة؟
بالطبع هي شخصية مجهولة من الأساس ولا ينبغي لنا أن نعرف حقيقتها، وإلا لما أصرّت على ارتداء القناع، ولكني أردت أن أكون فهما للكيفية التي تنشأ منها هذه الشخصية (وليست التي “نشأت” منها!)، هل حقاً يجب أن يكون لدينا ڤي في حياتنا ليلهمنا ويحركنا ويرشدنا نحو طريق الخلاص من الظلم والاستبداد والقهر السائد؟
ربما تحتاج أن تنهي قراءة الكتاب (أو مشاهدة الفيلم على الأقل) قبل أن تكمل هذا المقال، لتفهم وجهة نظري أولا، ولكي لا أفسد عليك نهاية القصة ثانيا… إن كان هذا الأمر يهمك.
علي أن أعترف بأني قرأت هذا الكتاب محملا بأفكار مسبقة وقناعة تامة بأن انتظار هذا الڤي ليس إلا كسلا فكريا تبتلى به الشعوب الجاهلة، وبعد ان انتهيت من قراءة الكتاب لم تزد أفكاري المسبقة إلا تأكيدا، فشخصية ڤي الحقيقية بالنهاية ليست إلا لإنسان عادي، قد يكون أنت أو أنا، مر هذا الإنسان بظروف أثرت على أفكاره وتوجهاته وصاغت شخصيته الثائرة ضد الواقع السائد، وليس الفرد ڤي هو ما يهم، بل الفكرة ڤي هي الأهم والأخطر.
ڤي بالنهاية يقدم لنا تمثيلا رمزيا للعلم والثقافة والأدب والموسيقى والفن والحكمة والتخطيط والقوة العسكرية، كون ڤي في هذه القصة مصور على شكل شخص واحد بارع في كل ذلك يجعل منه شخصية خيالية وهمية بالطبع، لايمكن خلق شخصية كتلك داخل المختبرات أو معامل التجارب كما حصل معه، ولكن مختبر الحياة ومعمل التواصل الإنساني هو ما يجعل منا جميعا – إن وعينا – “المجتمع” ڤي.
ڤي كذلك ليس رمزا للفوضى كما قد يصور لنا، كيف يمكن لشخصية فوضوية أن تخطط وتدبر وتنفذ انقلابا حرك شعبا كاملا ضد نظام “الإيمان” السائد والمسيطر عليهم خلال سنة وبضع أيام؟ فهو كما قرأت وشاهدت لم يخط خطوة واحدة في مسيرته الصعبة إلا وهو يعلم إلى أين منتهى طريقه.
ڤي، شخصية ظلمت كثيرا، استغِلت وأسيء فهمها، وإن كنا سنجلس ننتظر طلوعها إلينا حاملة معها التغيير “لأجل التغيير” فإنه يحزنني أن أقول بأن دمك يا ڤي ذهب هدرا!
تعليق واحد على “ڤي فور ڤانديتا”