قد نستنكر نحن تصرفات هذه الحشرة غريبة الطباع.. و لكن إذا نظرنا إلى الأمر من وجة نطرها فمن الممكن أن يزول استغرابنا قليلا.. لماذا؟ لأن الجرادة تعتبر مخلوق بلا وطن.. فموطنها هو المكان الذي تجد فيه قوتها.. فإن فني القوت هزت جناحها و قالت : “باي باي يا ديرة الفقر و الخراب!” و انتقلت لرقعة أخرى لتكرر معها نفس السيناريو ، نعم هي حشرة.. لكنها حشرة أصابها الغرور حتى ظنت أن جنحانها و أقدامها القوية هي كل ما تحتاجه للاستمرار في هذه الحياة التي يكسب فيها الشاطر أيا كان الثمن ، فهو (الشاطر).. لأنه شاطر.. يعرف كيف يدبر نفسه و ينفذ بجلده و يخلي الحساب يوم الحساب.
معقولة وجهة نطرها ، لكن هل ممكن أن نسميها أخلاقية؟ لا تسألني أنا بل اسأل مزارعا كد و اجتهد و صرف دم قلبه على محصولاته التي لهفها الجراد في ليلة و ضحاها ، أو حتى اسأل بقرة أو خروفا أو دجاجة كرست حياتها لخدمة الغير بشرف.. و حسبت لقماتها و عدد ما أكلتها من حبات و وريقات من أجل أن تضمن ما يكفيها و يكفي عيالها لكل العام ، هي لا تملك جناحا لتطير به.. بل تملك قلبا تعلق حبا بالأرض التي تعيش عليها و جبينا سال منه من العرق ما بالكاد يكفي لري تلك الأرض التي أعطت دون من.
في أيامنا هذه قلت رؤيتنا للجراد في مواسمه المعتادة ، فآباءنا و أجدادنا طلما حكوا لنا قصصا عن موسم الجراد و كيف كانت الشمس تحتجب تحت ستار أسرابه.. و كيف كان الناس يملؤون منه الخياش الكبيرة.. فيأكلون منها ما يأكلون و يبيعون منه الباقي بالأسواق ، أما الآن فقد اختفت هذه الظاهرة لدينا تقريبا و الفضل في ذلك يعود لثورة الفلاح الأفريقي الذي أخذ على نفسه عهدا أن لا ينحني لتلك المخلوقة الجشعة و أن يدافع عن أرضه و رزقه و قوت أبنائه أشد دفاع ، فلله الحمد بفضل ما يواجهه الجراد من عمليات مكافحة أصبح خطره أقل قليلا و أصبح وصوله لنا أكثر ندرة.
و لكن.. و لله في ذلك حكمة.. يبدوا أن الجراد قرر أخيرا أن يطور من ذاته و ينمي قدراته الخطابية و أساليبه في مخاطبة الجمهور ، فمع ما تشهده بلادنا من عمليات تطوير و تحديث خرج علينا نوع جديد -مطور- من الجراد ، لا تؤثر فيه المبيدات التقليدة (ولو إن يبيله نجربها عليه و نشوف شنو يصير :)) و المشكلة الأكبر أن لدى هذا النوع من الجراد أساليب سحرية استنسخها من سموم بعض العناكب التي تخدر ضحيتها و تلفها بغطاء حريري دافئ و مريح حتى تبقى طازجة لحين موعد الغداء.. و لكن الفرق هو أن الجرادة المطورة ليس من طبعها أن تنتظر غداء.. فكل وقت لديها هو وقت غداء!
و لكن.. و بفضل الله تعالى.. هناك سلاح جديد طورته مجموعة من الشباب الكويتي العاقل الذي لا يرضى أن يكون للجراد على أرضه مكانا ، الشباب الذي يقدر أرضه و يرى فيها فرصة لا لقمة.. ينظر لحاجتها و يعطيها.. و لا ينظر لشهوته فيقضيها ، مجموعة الشباب تلك استفادت من حركات المكافحة التي حدث في أفريقيا ليطور سلاحه الجديد ، ففي أفريقيا استخدم مبيد الـ D.D.T .. في الكويت قرر شبابنا الواعي أن يستخدم سلاحه الجديد و الذي أطلق عليه اسم N.A.L و ترجمتها بالعربية هي… “النعال” !!!
نعم النعال !! فبوركت يا نعالي إن سحقت بك جرادة !
عاشت التكنولوجيا الكويتية..
و عاشت الكويت حرة و خالية من كل .. آفه!!
و حسبي الله و نعم الوكيل..