طرأت علي فكرة كتابة هذا التاريخ الموجز جدا لتاريخ جزيرة خارج (وتاريخي العائلي) بعد أن انتبهت لورود اسم الجزيرة كاسم لإحدى خرائط “الملتي بلاير” في لعبة باتلفيلد ٣ (Battlefield 3)، لم أستطع أن أخف فرحتي عندما انتبهت لهذا الاسم… الارتباط الثقافي كان أكبر من أن يخفى 🙂 ، المرحلة أو الخريطة طبعا عبارة عن ميناء يقع على الشاطئ ويحوي مبان وحاويات تجعل عملية المطاردات فيما بينها شيئا ممتعا، كما أنه عند اللعب بطريقة الرش (Rush) فإن فريق المهاجمين يبدأ المرحلة بعملية إنزال بحري من إحدى البارجات باستخدام القوارب والمدرعات البرمائية والهليكوبتر.
كنت إلى وقت قريب من عشاق لعبة كول أوف ديوتي (Call of Duty) بأجزائها المختلفة، وما زلت متمسكا بجزء بلاك أوبس (Black Ops)، ولكن من فترة قريبة نزل للأسواق جزءان جديدا لكل من كول أوف ديوتي وباتلفيلد… وكلا اللعبتين رائعتين ولهما جمهور يقدر بالملايين حول العالم، كان الاختيار بينهما صعبا… ولكن ما حسمه بالنسبة لي هو توفر خصم على الباتلفيلد في المحل الذي اشتريته منها مما وفر علي عشر جنيهات استرلينية 🙂 ، بالطبع فإني لم أندم على اختياري لأن اللعبة رائعة بالفعل.. خاصة الملتي بلاير الذي يقدم روحا جديدة مختلفة عن ما تقدمه الكول أوف ديوتي… وإن كانت كلتا اللعبتين رائعتين كل بطريقتها.
لا تملك عندما تندمج باللعب إلا أن يأخذك الحماس… والتعبير عن هذا الحماس من الممكن أن يخرج بعدة صور، بالصراخ تارة.. بالشتيمة حينا! .. أو بإطلاق الأهازيج القتالية، فأنت تكون في حالة حرب.. و الارتباط بين الحروب والأهازيج ارتباط ذو جذور تاريخية عميقة، فطالما تحركت الجيوش بمصاحبة الطبول والفرق العسكرية وهي تشحذ همم الجنود وتثيرهم في وجه العدو، لا فرق في هذا الأمر بين جنود إسبرطة وبين جنود المارينز… بل وحتى جنود الإسلام من عصر الغزوات النبوية إلى أيام بن لادن!
جميعنا يذكر صيحة الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين: “أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبدالمطلب“، وكان صلى الله عليه وسلم يقول عن صوت العباس بن عبدالمطلب بأنه في المعركة بألف رجل وذلك من قوته وقدرته على حشد همم المقاتلين وإدخال الرعب في قلوب الأعداء، الصحابي الجليل حسان بن ثابت لم يكن من أشجع المقاتلين.. ولكنه كان يحارب مع المسلمين بكلماته، وقد أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم بالمشركين بقوله: “يا حسان اهجهم وجبريل معك“.
في عصرنا الحديث وخلال حروبنا الخائبة خلال الستون عاما الماضية كانت أصوات أم كلثوم وعبدالحليم وعبدالوهاب وهي تصدح من إذاعة صوت العرب هي إبرة الأدرينالين التي حركت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج لتهب ضد الإستعمار وضد الإحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية،
وكانت أصواتهم هي كذلك الصوت المواسي لنفس الشعوب بعد أن انهالت عليها الهزائم وعدى النهار، لا حاجة للخوض في أسباب انهيال الهزائم على تلك الشعوب.. ولكن يكفي القول بأن الاعتماد الكلي على الحماس دون التخطيط الاستراتيجي ليس أمرا منطقيا.. فيعني لا نتوقع أن ارتفاع الأصوات الحماسية هو دليل أو سبيل للنصر الحربي، كما قال نزار قباني:
إذا خسرنا الحرب .. لا غرابة
لأننا ندخلها..
بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابة
بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة!
ما علينا..
بعد كامب ديفيد الفن العربي الرسمي وشبه الرسمي نسى أو تناسى النشيد الحماسي وأخذ -على قولة سمير غانم- يغني السح الدح إمبو.. الواد طالع لأبوه!
خلال فترة النضال والمناضلين انتقل الغناء الحماسي لمنطقة الشام العربي، أعترف بأن ليس لدي خبرة في فنون هذه المنطقة… ولكني كمثال يجب أن أذكر مارسيل خليفة وهو يغني عن وطني الرائع أو عن عن انتصاب القامة وارتفاع الهامة:
بانقضاء الثمانينات من القرن العشرين إنتهى عصر المناضلين بعد أن غيروا مهنتهم من النضال إلى السمسرة! وأيضا كما قال نزار:
لقد كبرنا.. واكتشفنا لعبة التزوير
فالوطن المن أجله مات صلاح الدين
يأكله الجائع في سهولة
كعلبة السردين..
والوطن المن أجله قد غنت الخيول في حطين
يبلعه الإنسان في سهولةٍ..
كقرص أسبرين!!..
ما علينا..
بانتهاء عصر المناضلين دخلنا عصر.. المجاهدين، وهنا بالإضافة لمنشدي الشام ظهر لدينا النشيد الحماسي (أو الجهادي) الخليجي، بين فلسطين وأفغانستان والبوسنة والشيشان صدح منشدو الخليج محمسين للنصر أو الشهادة… وأيضا متحسرين على مآسي الأمة، أي متتبع للنشيد الإسلامي خلال فترة نهاية الثمانينات وبداية التسعينات لابد وأن يذكر أناشيد “وأعدو“.. أو على الأقل نشيد دكي يا جبال أو زلزل زلزل، كانت هذه الأناشيد تعرض يوميا في طابور الصباح في مدارس الكويت بشكل عادي جدا، الجزء الثاني من أناشيد وأعدو أخذ طابعا كويتيا لأنه صدر بعد الغزو مباشرة (إن لم أكن مخطئا)، ولكن الأناشيد الجهادية المرتبطة بالغزو لم تأخذ حيزا كبيرا لأنه سرعان ما انشغل منشدوا الخليج بمصيبة أخرى في البوسنة والهرسك، إلا أن تلك الأناشيد غلب عليها الطابع المأساوي الإنساني عوضا عن كونها أناشيد حماسية.
فلسطين طبعا كانت ومازالت ملهمة النشيد الجهادي… فهي حالة خاصة بالنسبة للنشيد وبالنسبة للعمل الجهادي… وهي عقدة العرب والمسلمين التي لا تمس! أفغانستان كذلك حالة معقدة، فبعد أن كانت حالة جهادية “مبررة” ضد السوفييت إنتقلت إلى حالة من الحرب الأهلية الأيديولوجية.. الأمر الذي أضعف الحالة الجهادية فيها، بحلول التسعينات وجد الجهاديون ضالتهم في منطقة القوقاز، بعد تهاوي الاتحاد السوفييتي عام ١٩٩١ سارعت جمهورياته إلى إعلان استقلالها عنه، نجح من هذه الجمهوريات من نجح و “تغلغص” منها من تغلغص، من الجمهوريات التي “تغلغصت” كانت جمهورية الشيشان التي منت عليها روسيا في البداية بما يطلق عليه اسم الحكم الذاتي.. وليس الاستقلال، لكن القيادات الشيشانية لم ترض بهذا الحكم وأعلنت الاستقلال.. الأمر الذي لم يرض الروس لأنهم يعتبرونها أرضا لم تكن مستقلة في يوم ما… ولأنها من المناطق الغنية بالنفط، خلال فترة الشد والجذب بين الشيشان والروس أثارت المنطقة انتباه من كان يطلق عليهم اسم المجاهدين العرب الأفغان ووجدوا بأن المنطقة القوقازية أجدر باهتمامهم من الصراع الأفغاني الأفعاني، دخل المجاهدون العرب الشيشان بداية بغرض ثقافي وإنساني، فتلك المناطق رغم أن شعوبها من المسلمين إلا أن رضوخهم تحت الحكم الشيوعي لعقود طويلة أنساهم ذلك الدين، فجاءتهم بالبداية حملات بناء المساجد والمدارس الإسلامية بالإضافة لعمليات المساعدات الإنسانية، في تلك الفترة طبعا كانت أكشاك جمع التبرعات في المدن الخليجية لا تفرغ، التعاون العسكري الشيشاني العربي كذلك لم يتوقف عن عمليات التدريب والتخطيط والتمويل خلال نفس الفترة، خلال تلك الفترة كانت روسيا تسعى بشتى الطرق لقطع الطريق على الإستقلال المعلن، إلى أن قرر الروس في عام ١٩٩٤ أن يتدخلوا بالقوة للسيطرة على الجمهورية الشيشانية لتشتعل الحرب بين القوتين، ربما كانت روسيا بقوتها العسكرية الضخمة تعتقد بأن عملها في الشيشان سيكون نزهة قصيرة… ولكن ذلك لم يتم لها، القوات الشيشانية المدعمة بالعناصر والخبرة العرب/أفغانية خاضت ضد الروس حرب عصابات ضارية وكبدتها خسائر كبيرة، هذا بالإضافة إلى العمليات العسكرية التي نفذتها الجماعات الشيشانية في قلب موسكو (العمليات الإرهابية كما يطلق عليها)، أحد “أبطال” الحرب الشيشانية كان عربيا ويطلق عليه اسم القائد خطاب، خطاب بطبيعة الحال كان قائدا ذو شخصية كاريزمية بالإضافة لكونه عقلية عسكرية فذة كما يقال، صور خطاب وأخباره انتشرت عبر الإنترنت واليوتيوب وألهمت العديد من الشباب للعمل “الجهادي” الحديث سواء عبر النشيد أو الإعلام الحديث، وقد تكون حرب الشيشان أولى الحروب الجهادية الإلكترونية.
بعد اشتداد المقاومة الشيشانية أدى الأمر في النهاية عام ١٩٩٦ لوقف الحرب وتوقيع اتفاقية سلام بين الروس والشيشان، تركت الحرب الجمهورية الشيشانية في حالة تدهور اقتصادي.. وأمني، انتشرت بعدها عناصر الفساد في الحكومة وسادت عمليات الخطف والمشاكل الأمنية، ثم اشتعلت الحرب في الشيشان مرة ثانية عام ١٩٩٩ وتم اغتيال خطاب مسموما (كما يقال) عام ٢٠٠٣، وتحولت الحرب (وفقا للإعلام العالمي) في الشيشان من حرب استقلال إلى حرب روسية معقدة ضد الإرهاب لم تنته إلا عام ٢٠٠٩…
وهم بعد ما علينا…
ثم جاء بن لادن في التاسع من سبتمبر ٢٠٠١ وغير كل شيء !
كان النشيد الجهادي الفلسطيني والبوسني والشيشاني أمرا عاديا… بل كان يعرض ويغنى في المدارس الحكومية دون حرج كما ذكرنا، ولكن خلال السنوات التي تلت ٢٠٠١ أصبحت تلك الأناشيد من المحذورات… وتحولت تدريجيا إلى المحظورات… حتى في صفوف المنشدين أنفسهم، لعل واحدة من أواخر الأناشيد الجهادية “الصريحة” التي سمعتها كانت نشيدة العملاق الثائر للمنشد الكويتي المعتزل حاليا علي العنزي، النشيدة كانت صدمة بالنسبة لي (ولغيري) عندما نزلت عام ٢٠٠٢ تقريبا لأن فيها إنتقاد شديد لأمريكا والروس… بل وتوعد للدولتين وتهديد بثورة العملاق لما ثار!، بعض المواقع اليوم (كما لاحظت) تضع ألبوم “المعالم” بدون هذه النشيدة!
من بعد ذلك رحل العملاق الثائر من أرض العرب! لم يعد اليوم هناك نشيد جهادي ولا غناء نضالي يذكر، هل ذلك أمر جيد أم سيء؟ هذا سؤال لا يهم، النشيد أو الغناء أو الشعر أو الأدب أداة ثقافية ترتبط بالثقافة العامة للشعوب، لا يمكن أن نلوم المنشدين اليوم على تركهم للنشيد الحماسي واتجاههم للإنشاد عن عروسنا اللي كل الحسن يكسيها، فالتوجه الثقافي للمجتمع نتيجة للظروف السياسية والاجتماعية التي تسوده حاصر الفكر الجهادي و الثوري في دائرة ضيقة يصعب الولوج إليها، ومن استقراءنا لتاريخ هذا الفكر أعلاه قد يكون هذا هو التوجه السليم خصوصا ونحن نشهد اليوم الثورات وقد توجهت للداخل بدل الخارج وقد اكتست الثوب السلمي بدل العسكري العنيف.
ذكرت في موضوع سابق بأن التأثر بالفكر الجهادي والثوري ليس بالضرورة أن يكون ناتجا عن تعقيدات أيديولوجية تسير الشخص “الجهادي” بقدر ما هو حب للـ”أكشن” المتمثل في حمل “الكلاش” والـ”آر بي جي”، اليوم ليس عليك أن تشد الرحال إلى أقاصي الأرض لتشبع حب الأكشن هذا… يمكنك أن تلعب كول أوف ديوتي أو باتلفيلد وأنت تردد: نحن أبطال الجهاد.. نحن حراس البلاد! 😈
شكراً عالمقال
قرون تلو القرون و هذه الأمة لا تهدأ من صخب القتال , كنت قد عاصرت كل ما كتبت نفسياً و حماسياً حتى طغى علي صوت و العلم و التكاتف مع البشر و التعاون معهم حول العالم لخدمة الانسانية بشكل عام
طالبان و غيرها كانت تقتات على المحبطين و الفشلة ممكن يرى النجاح كبديل عن النجاح في الحياة بسبب الأوضاع المحبطة في ديارنا و لازال هذا سلاحهم
سبحان الله الشيء بالشيء يذكر أمس نبهتي زوجتي على فيديوات لطفل سعودي موهوب يقال له ميشو
الطفل موهوب أو مختلف عن غيره و سيعجبك شوف هذا نموذج:
http://www.youtube.com/watch?v=uTxjWsNpmUg&feature=related
بالمقابل إنظر إلى الردود الغريبة عليه:
http://www.youtube.com/watch?v=6nu3Qyskork&feature=related
فهم ينظرون إلى هؤلاء كخير من ميشو و لا أعرف كيف ! لو استثنينا قاريء القرآن
هذا أبو الطفل يشرح مشكلة الفشل في السعودية بطريقة منطقية و لكن تنصدم من الردود الآخرى:
http://www.youtube.com/watch?v=jLNQy10HG_g&feature=related
هذا رد مثلاً:
http://www.youtube.com/watch?v=E9O3kvgfRTw&feature=related
هذا نموذج للفشل الذي يتحول لتفريغ تجاه الإرهاب
دع عنك تاريخ الأمة القديم، لنأخذ ما ذكر في هذا الموضوع كمقتطف من تاريخنا الحديث والمعاصر الذي عشناه أو عشنا آثاره بشكل مباشر، نجد أنه في عصر الثورات العربية ضد الإستعمار تم توظيف القوة (العسكرية والاجتماعية) باتجاه مقاوم للمستعمر وتم لهذه الثورات تحقيق مبتغاها، وكان ذلك أمر “إيجابي” إن صح التعبير، وكذلك الأمر بالنسبة للحروب العربية الإسرائيلية… مبدأ استخدام القوة في حينها كان إيجابيا وإن كانت إدارة هذه القوى هي ما كان مختلا، بعد حرب ٧٤ حصل الخلل الأخلاقي… أو فلنسمه الاجتماعي/الثقافي، الظروف السياسية في تلك الفترة تغيرت.. ولكن بدلا من أن تتم مناقشة تلك الظروف بعقلانية لجأنا للعنف… قد لايكون عنفا عسكريا ولكنه عنف فكري أدى لتقسيم الأمة لمعسكر مع التطبيع ومعسكر ضده، وما زلنا نعاني من آثار هذا العنف الفكري إلى اليوم
في الفترة النضالية بالسبعينات والثمانينات أيضا تم توظيف القوة بشكل إيجابي لمقاومة المحتل الصهيوني من جهة ولجذب الانتباه الدولي للقضية من جهة أخرى، لكن المأزق الأخلاقي أدى لتخل أطراف في الصراع لها مصالح تتجاوز مجرد المقاومة.. قد تكون مصالح سياسية أو مالية أو غيرها، فخرجت لنا منظمات وجماعات ما أنزل الله بها من سلطان وكلها تدعي أنها تعمل لأجل “الكظية” بينما بعضها لا تعدو كونها جماعات إجرامية ومافيا منظمة، وهذه هي الطبيعة البشرية… إينما كان هناك فوضى دخلت الجريمة، غير ذلك فإن حالة الإحباط العامة التي كانت تعيشها الأمة والتناقض بين إرادة الشعوب وتحركات القيادات وهزائم تلك القيادات المتكررة ومن ثم “استسلامها” (كما صور) ومحاربتها لبعضها البعض ونضيف على ذلك انهيار الاقتصادات العربية (باستثناء الخليجية منها) كلها عوامل ساعدت لكي يصبح الشباب البائس والمحبط (وليس بالضرورة أن يكون فاشلا) وقود تلك المعارك النضالية التي ضلت طريقها في بعض الأحيان، ومثل جميع العصابات فإن أي صراع بينها هو ليس صراعا شخصيا.. بل هو بزنس، It’s not personal, it’s business على قولة العراب، فلما تحقق للقيادات المنتصرة أن تفاوض وتسمسر على آمال الشعوب قامت بذلك من أجل تحقيق مصلحة أعلى من وجهة نظرها، عملية السمسرة تلك لم تحدث أمام الملأ كما حصل في كامب ديفيد بل كانت تتم في غرف الفنادق في تونس ومدريد وأوسلو، وعندما تمت البيعة ضرب الإحباط جماهير الأمة مرة أخرى وأخذت تبحث عن منفذ جديد لغضبها وإحباطها، كما هو حال كامب دفيد فإن إتفاقية أوسلو وما بعدها لم يتح للشعوب مناقشتها واستيعابها ثقافيا… بل حدثة خبط لزق كما يقال معتمدة على سياسة “الحكومة أبخص” الشهيرة! وهذه هي أساس كل مشاكلنا.. السياسة تسابق الثقافة وتتخطاها وبعد ذلك تحاول الاستعانة بها من أجل ترقيع أخطائها.. وهذا أكبر غلط!! العكس هو ما يجب أن يتم… الثقافة يجب أن تغير قبل السياسة، جميع أغاني وأناشيد النضال والجهاد التي عرضتها في هذا الموضوع خرجت كإفراز لثقافة كونتها السياسة… ثم اختفت بعد أن تغيرت تلك السياسة، وحتى عندما اختفت تركت لتستبدل بكل عشوائية بدلا من أن توجه نحو تحقيق هدف المرحلة المقبلة (هذا إن كان كان الساسة يعرفون ما هي مرحلتهم المقبلة أصلا!).
ومرة أخرى لم تجد الشعوب المحبطة من يستمع لنداءاتها سوى أصحاب الطرح الديني الجهادي.. فكانوا هم الملجأ، فلسطين أصبحت مغلقة في تلك الفترة فلم تجد الحركات الجهادية الإسلامية متنفسا لها سوى في أفغانستان والبلقان ومن ثم العراق والله يستر من القادم، ومثل ما سبقها من حركات ثورية فإن الدوامة الأخلاقية الناتجة من حالة الفوضى التي تخلفها الحروب أصابت الفكر الجهادي كذلك وقد ذكرت الحالة الشيشانية بشيء من التفصيل كمثال على ذلك.
المشكلة ليست بالفكر الثوري أو الجهادي بذاته، هذا الفكر لم ينتج من فراغ ولم يسعى أول ما تأسس ليكون فكرا تخريبيا هداما، هو يبدأ كفكر ذو رسالة مخلصة… ولكن طول الأمد يجعله عرضة للتأثر بمعطيات خارجية “تخرب عليه”.
لا تظن بأن ثورات ما يطلق عليه اسم “الربيع العربي” محصنة مما أصاب سابقاتها! ترى الحال من بعضه، إلى الآن التغيير الثقافي الذي يحاول إدخاله بطيء… وهذا أمر طبيعي، لكن التغييرات السياسية السريعة التي حدثت والتي ستحدث لن تدع للشعوب فرصة لاستيعاب ما يحدث سياسيا، يمكن حالتنا الكويتية مختلفة قليلا، التغيير السياسي عندنا أبطء قليلا من غيرنا… وهذا أمر رائع وأتمنى أن لا يتغير، ذكرت في موضوع “جمهورية الكويت الديموقراطية” بأني أتمنى أن لا أسمع بهذا المسمى في حياتي.. وأنا اليوم أكثر إيمانا بذلك من أي وقت مضى، ليحدث التغيير الثقافي أولا وليأخذ راحته في ذلك (بس عاد هذا مو معناته ننام ونرجع لمبدأ الحكومة أبخص!) ومن ثم التغيير السياسي قادم لا محالة، لا بأس بالمناوشات والصدمات السياسية بين فترة وأخرى… هذا أمر طبيعي ويعيد تذكير الشعوب بضرورة التغيير، ولكن بعض الساسة ومن خلفهم الشباب المتحمس حاولوا ومازالوا يحاولون إفتعال أزمات غير مببرة من أجل خلق حالة فوضى تؤدي لتغيير سريع… وهذا أمر بغاية الخطورة كما علمنا التاريخ.
————
ما عليه أخوي مساعد أنا خرجت عن مسار مداخلتك شوي 🙂 لكن هذي كلها أفكار يجب تدوينها، يمكن أسوي هالرد موضوع مستقل 😛
————
عندي ملاحظات ثانية على الفيديوات اللي حطيتها..
أنا يزعجني عندما يزج بالأطفال في صراعات الكبار، خاصة لما يكون هذا الزج بشكل عشوائي وغير مدروس!
يعني ياهل تدخلونه كناقد للمجتمع أو كداعي للجهاد… شكو؟ وين البراءة؟