نعم حضرت ما أطلق عليه اسم “مسيرة كرامة وطن” بالأمس (٢١ أكتوبر ٢٠١٢)، لم أحضر للمشاركة في هذه المسيرة، فكما لمحت في مقالي السابق وصرحت ببعض مشاركاتي على التويترأنا – وبصراحة – لست بمؤمن بأن هذه المسيرات هي الحل الأفضل لما نمر به من أزمات وعقلي يرشدني إلى أن الهدف الذي تسعى له هذه المسيرة باطل.. إن كان لها هدف أصلا! لكني حرصت على حضور هذه المسيرة لهدفين: أولا، لتوثيق الحدث، وثانيا: لدراسة الحدث من الداخل وملاحظة ما يجري فيه من أجل تكوين فكرة أكثر شمولا عنه.
هذه التدوينة لن تكون نقلا وثائقيا محايدا للحدث! أنا هنا لست بصحفي ولا أسعى لعمل “تغطية” صحفية تكتفي بنقل الأحداث كما حدثت، بل سأقوم بسرد مشاهداتي مع تحليل مبني على أسس نقدية “شبه أكاديمية” – إن صح التعبير – تعتمد على الحدث نفسه وعلى خلفيته التاريخية والثقافية والاجتماعية، هذا لا يعني على الإطلاق أني سأستسلم للطرح العاطفي أو للإثارة غير المبررة! مقياسي في التحليل سيكون عقلانيا قدر الإمكان، و عندما أذكر بأن نقلي لن يكون محايدا فإنما أعني بأني لن أحاول لي الحقائق لأرضي جميع الأطراف!
طرحي في هذه التدوينة قد لا يرضي الجميع، وذلك غير مهم لأني لا أسعى لإرضاء أحد سوى عقلي الذي ناداني.. فأجبته بالسمع والطاعة! إن كنت رأيتني قد أخطأت فصوبني، إن كنت رأيتني قد حدت فقومني، هناك صندوق تعليقات في أسفل هذا البوست.. قل فيه ما شئت وبين فيه وجهة نظرك وسأكون لك من السامعين والشاكرين.
مع كاميرتي
هدفي الأول من خروجي لمسيرة كرامة وطن هو التوثيق المصور، فأنا بالإضافة لكوني متخصص بالتاريخ والثقافة أكاديميا تلقيت أيضا تدريبا مكثفا بمجال إنتاج الأفلام الوثائقية.. بالإضافة لكوني هاو للتصوير الفوتوغرافي طبعا، ويفتقر أرشيفي المصور لمواد متعلقة بالأحداث السياسية المعاصرة، فقد عشت في بريطانيا طوال الأعوام السبع الماضية وفاتتني – ولله الحمد – الكثير من الاعتصامات والتجمعات التي جرت خلال تلك السنين الحرجة، ومسيرة الأمس كانت فرصة مواتية حرصت على اغتنامها.
خرجت للتصوير بصحبة زوجتي المصورة عذوب الشعيبي مصطحبا معي عدة بسيطة تتكون من كاميرا كانون فايف دي وعدسة كانون ٥٠مم ١،٢ (لتوائم ظروف الإضاءة الليلية) بالإضافة لميكرفون زوم أتش ١ الذي أستخدمه للمرة الأولى، لم أالتقط أي صورة ثابتة، ركزت بالكامل على تصوير الفيديو الذي أخذت منه بضع “فريمات” لأرفقها بهذه التدوينة. لن أضع أي كليبات من تصوير الفيديو هنا لأني أخبئها لمشروع أخطط ليرى النور قريبا إن شاء الله 🙂
مسيري
انضممنا للمسيرة الساعة السادسة والنصف تقريبا من الساحة الترابية المقابلة لسوق شرق، بدا واضحا منذ البداية حالة شبه الفوضى التي أصابت منظمي المسيرة! فعند الوصول لشارع الخليج تفاجأت بأن المسيرة استدارت لليمين بدلا عن اليسار كما كان مخططا حيث نقطة التجمع مقابل مبنى مجلس الوزراء (أو ما يسمى بساحة التغيير). نصت تعليمات المنظمين كما قرأناها في موقعهم بأن المسار من الممكن أن يتغير في حالة اعتراض قوات الأمن لها.. إلا أن هدفها النهائي سيكون دائما ساحة التغيير، لكني لا أدري كيف سيؤدي السير بالاتجاه المعاكس إلى ذلك الهدف! والأمر لم ينتهي عند هذا الحد..
على مستوى “الميكرو” كما يقال كان التنظيم جيدا من حيث حث الجماهير على السير على الأرصفة وتجنب الشارع الذي كان مزدحما بالسيارات، وكذلك في ضبط سرعة المسير والموازنة بين الوصول للهدف (إن كان هناك هدف!) وبين الحفاظ على تماسك المجموعة.
من ما لاحظت كذلك قلة المشاركة النسائية (حسبما عددت لا تتجاوز الـ٢٥ مشاركة عند انطلاق المجموعة)، مع العلم بأن النقطة التي انطلقنا منها من المفروض أن تضم المجموعة النسائية، قد تكون قلة المشاركة النسائية شيئا إيجابيا.. ولكني كنت أتوقع عددا أكبر. كان هناك بعض المشاركين من الأطفال ومن يبدوا أنهم تلاميذ مدارس، لو كانت هذه المسيرة بالذات تجمعا سياسيا عاديا لكان وجود هؤلاء مقبولا (رغم أنهم غير مكلفين بذلك) ولكن في هذه المسيرة المشوبة بالخطر فإن أقل ما يقال عن وجودهم هو أنه يصعب تقبله.
استمرت المجموعة بالسير بسلام مع ترديد الصيحات والأهازيج والأناشيد (سأتحدث عن تلك الأهازيج بالتفصيل لاحقا) وأثناء السير أخذت المجموعة بالتكاثر تدريجيا، بعد تجاوز السفارة السعودية لوحظ إغلاق رجال المرور للطريق على السيارات ليصبح الشارع المتبقي بالكامل ملكا للمتظاهرين، تواجد عدد بسيط من دوريات الشرطة على الشارع وكان دورهم تنظيميا لا أكثر، لم يتحدث إليهم أحد ولم يحدثوا أحدا من المتظاهرين.
إلتفت المجموعة مع الشارع متجاوزة الأبراج لتصادف مجموعة أخرى من المتظاهرين دخلت من شارع السور من خلف قصر دسمان متجهة نحو المجموعة الأولى، يمكن القول بأن الفوضى التنظيمية استشرت بعد أن التقى الجمعان! المجموعة الجديدة بدى عليها الحماس الزائد.. كما ونوعا! عددهم أكبر… أصواتهم أعلى.. وهتافاتهم أشد “قسوة”! بدت واضحة ربكة المنظمين من كلا المجموعتين، فتارة تسير الجموع إلى الأمام وإلى الخلف تارة وتتوقف تارة أخرى، الحاصل هو أن مجموعة توقفت تهتف عند سور قصر دسمان وأخرى أكملت طريقها عائدة باتجاه سوق شرق، ما سمعته من بعض الحضور والمنظمين أن الهدف كان المسير نحو ساحة الإرادة… أي أن الهدف كان المسير بعشرات الآلاف من المتظاهرين مسافة ٥ كيلومترات مرورا عبر بضعا من أكثر المباني حساسية في الكويت مثل السفارة البريطانية، السفارة السعودية، المستشفى الأميري، سوق شرق، إدارة الأمن الوطني، وزارة الخارجية، قصر السيف، الديوان الأميري، ديوان مجلس الوزراء بنك الكويت المركزي، للوصول إلى مجلس الأمة!! مساحة ساحة الإرادة على فكرة تقدر بأقل من ١٢ ألف متر مربع، أي أن طاقتها الاستيعابية لا تزيد عن ٢٩ ألف شخص، بينما الحشد القادم من ناحية الأبرج يقدر بـ ٥٨ ألف شخص. سأفصل لاحقا طريقة حساب الحشود. طوال فترة المسيرة لوحظت طائرات وزارة الداخلية العامودية وهي تحوم فوق أرجاء مدينة الكويت، ولوحظ كذلك أنه كلما اقتربت الطائرة من الحشود ارتفعت أصواتهم وزاد تأشيرهم لها بأيديهم وبما يحملونه من لافتات.. بقصد جذب انتباهها ربما!
الصدام
في خضم الربكة التنظيمية قررت الحشود التوحد ومواصلة المسير غربا باتجاه مسار الرعب المبين أعلاه، بمجرد اقتراب الحشد من مطعم ميس الغانم وعلى بعد أمتار قليلة من السفارة البريطانية تفاجأت الجموع بظهور مفاجئ لحاجز مرعب من أفراد القوات الخاصة! لم تكد تفق الجموع من صدمة الظهور المفاجئ لهذه القوات ولم تسنح لها فرصة البدأ بإطلاق صيحات الاستهجان نحوها حتى صعقتها تلك القوات بإطلاق سيل من القنابل الصوتية، شخصيا عندما كنت أسمع بالقنابل الصوتية كنت أتخيل بأنها مجرد… صوت 🙂 لكن ما استخدمته القوات الخاصة كان شيئا يجمع بين الصوت والضوء والدخان والرائحة، صوت الفرقعة مرعب بحد ذاته.. أما الضوء المتطاير فأقرب ما يشبهه هو شكل قذائف النابالم التي استخدمت في حرب فيتنام.
الحشود المذهولة سارعت عائدة هربا من تلك النيران، الغالبية سارت للخلف عائدة نحو الأبراج، البعض اختار النزول نحو رمال الشاطئ (مو خوش فكرة!)، استمرت القوات الخاصة بإطلاق القنابل الصوتية والدخانية على المتظاهرين كلما حاول أحد الاقتراب منهم، ولم تكتف القوات بالوقوف مكانها بل كانت تتقدم بشكل بطيء مجبرة الحشود على التراجع التدريجي، شاهدت بعض الإصابات يتم نقلها للخلف، شخصيا أشك بتعرض أحد للضرب لأن مجرد الاقتراب من القوات كان شيئا شبه مستحيل.
عدد كبير جدا من المتواجدين بدأ بالانسحاب نحو الخلف، منهم من اختار العودة إلى سيارته وبيته، ومنهم من ظل يعلب لعبة الضغط والتراجع مع القوات، عندما أيقنت أن الأمر انتهى توجهت أنا أيضا إلى سيارتي مستديرا حول قصر دسمان، عند مدخل شارع السور ناحية القصر كانت هناك جموع بسيطة من القوات الخاصة الملثمة اكتفت بمراقبة المنسحبين وفي أعينها فرحة النصر بادية! بعض المنسحبين أطلق نحو القوات “نغزات” خافتة مثل “ما تستحون على وجوهكم!” أو شيء من هذا القبيل.. لكن القوات لم يعيروهم أي اهتمام. من الأصوات التي كنت أسمعها بدا بأن عملية الدفع التدريجي للمتظاهرين نحو الخلف استمرت لنصف ساعة أو ساعة أخرى.
ملاحظاتي
بعد هذا السرد التاريخي الطويل الوقت حان لأذكر ملاحظاتي النقدية على ما جرى خلال المسيرة، تطرقت خلال السرد أعلاه لقضية هامة جدا وهي ضعف تنظيم المسيرة وانعدام التنسيق بين قوادها، التخبط والعشوائية كانا سيدا الموقف، كذلك أثر ضعف التواصل (إرسال الهواتف أصلا كان ضعيفا بسبب الضغط العددي) بالإضافة لعدم وجود خطط بديلة ومسارات واضحة يسار عليها.. على عكس ما أعلن.
لتفسير ذلك يمكننا وضع احتمالين، أولا، عدم قدرة المنظمين على التخطيط أصلا! فهذه المسيرة لا تفتقر فقط للهدف السياسي (كما سأبين لاحقا عند الحديث عن الهتافات) بل وتفتقر حتى للتخطيط اللوجستي! فالجموع الغفيرة (واغفروا لي صراحتي) أصبحت ألعوبة بيد قوات الأمن.. تراقبها وتحاوطها وتشتتها كما تشاء، بدا لي أنه ليس لدى المنظمين أي علم أو دراية بفنون “حرب الشوارع” .. والتي لا تعني بالضرورة الحرب بمفهومها الدموي ولكن كيفية مراوغة العدو ومجابهته بالحيلة، شبابنا بالطبع ليس لديه خبرة بذلك.. وأتمنى أن لا يحتاج لهذه الخبرة على الإطلاق! لكن السؤال الذي سأطرحه هنا هو كيف يمكن لمن لا يستطيع إدارة بضع آلاف من البشر أن يدير دولة بأكملها بالمستقبل كما يطالب؟ لا أحاول هنا الربط بين إدارة الحشود وإدارة الدولة من الناحية العملية.. فكلا الأمرين فن مستقل بذاته، ولكن ما أقصده هو امتلاك روح التخطيط والتي هي أساس الإدارة، بمعنى آخر وجدنا المنظمين “مالهم خلق” يخططون لمسيرة منظمة… وعدم وجود “الخلق” تعتبر واحدة من أشد الآفات فتكا بالعقلية الكويتية! وأقولها بكل صراحة بأننا لن نقدر أن نتقدم ولا أن نقضي على فساد أو نسترد “كرامة” طالما أن “مالنا خلق” نخطط كما تخطط الأمم الراقية، وإصلاح هذا “الخلق” سيحتاج منا إلى جهد كبير وجهاد طويل ضد أنفسنا وضد ثقافتنا الحالية.
هناك تفسير آخر لحالة التخبط التي حدثت وهي بأني ظلمت تخطيطها، فهي فعلا مخطط لها بدقة… ولكنه تخطيط نحو الفشل! كباحث علي أن أرى الأمور من جميع الجوانب وأطرح ما أستطيع أن أجد من فرضيات وأختبرها لأتبين صحتها، وحالة الانهيار الإداري التي أصابت المسيرة يصعب خروجها من أحد الاحتمالين المطروحين، إما أنه عجز حقيقي أو خطة وضعت من البداية بقصد إفشال المسيرة وإدخالها في مواجهة عنيفة مع السلطات، وقود هذه المواجهة كما هو واضح هم الشباب المتحمس الذي تعرض لتجربة قد تكون من أقسى التجارب التي واجهها في حياته، ومن المستفيد من هذا الصدام الشرس؟ لن أتطرق لجواب هذا السؤال لأني أجبته من قبل مرارا وتكرارا 🙂
الصيحات
أقل ما يقال عن الصيحات والأهازيج والأناشيد التي أطلقها المتظاهرون هو أنها تخلو من أبسط أنواع الإبداع!
من أمثلة تلك الأهازيج أغنية “بلادنا حلوة.. حب الوطن ماله مثيل” والمحرفة من أغنية “بلادكم حلوة” من مسرحية “السندباد البحري” التي عرضت عام ١٩٧٨.. قبل أن يولد معظم حضور المسيرة! وعلى نفس اللحن تم أيضا ترديد “بلادنا ضاعت.. ترى السبب نهج الحديد” والتي سمعتها من البعض”نهج الحديث” ومتأكد بأني سمعتها من آخرون “ترى السبب نهج الأمير“!
هناك أيضا صيحات محرفة عن صيحات قائمة الوسط الديموقراطي القديمة مثل:
وعي وطني سنناضل من خلاله
(بالحجة والمنطق نهزم الإخوانا)
لكن مع استبدال الشطر الثاني بـ:
لا سني ولا شيعي فوحدة وطنية
واللي طبعا مو راكب لأنه شطر مأخوذ من بيت آخر من نفس القصيدة… يعني بالكويتي عفيسه!
هناك الصيحات المعبأه مثل: وحدة وحدة وطنية.. مجلس أمة وحرية ، والتي يمكن تركيب أي شطر عليها مثل “تاكل خبزة ورقية” 🙂
بعض الأناشيد كانت عبارة عن كوارث! لعل أكبرها كان النشيد الوطني! عندما طلب أحد المنظمين من الجماهير إنشاده كاملا كانت المفاجأة أن نصف الأصوات اختفت عندما وصلت النشيدة لمقطع: “يا مهد آلاء الألى كتبوا..“.. أما بقية المقاطع لم يرددها أحد لأن أحدا لم يكن يحفظه كما يبدو!
غالبية الصيحات التي ذكرتها إلى الآن كانت ترددها المجموعة التي سايرتها منذ البداية، المجموعة التي انضمت لها لاحقا، والتي ذكرت مسبقا أن صوتها كان أعلى و”أشد”، أضافت “للمكس” صيحة جديدة لم تكن تردد من قبل وهي صيحة… “لن نسمح لك!“. برأيي قد يكون ترديد هذه الصيحة أحد أسباب انقسام المجاميع لاحقا كما أوردت سابقا.
من الصيحات التي نستشف من خلالها انعدام الابداع هي صيحة “سلمية.. سلمية!“، فبالإضافة لكونها مستعارة من ثورات الربيع العربي فهي بحد ذاتها تخلو من أي أبداع لا باللحن ولا.. الكلمة.
ركزت على فكرة الابداع هنا لأني أرى الإبداع أحد أهم عناصر النهضة التي لا تقل أهمية عن عنصر التخطيط الذي أوردته بالنقطة السابقة، وأعيد القول أن كيف يمكننا أن ننهض بالأمة ونرتقي بهذا الشعب ونحن عاجزون عن إبداع “صيحة” عليها القيمة؟ أهازيجنا ما بين المجترة والمسروقة… ويا ليتنا حتى أتقنا النسخ بشكل حسن! الإبداع مرتبط بشكل كبير بالثقافة، لن نصبح أمة محترمة ما لم يكون لدينا مناهج تعلم أبناءنا الإبداع من الصغر بدل تعليمهم بالتلقين، و لن نصبح أمة راقية حتى نزيل الصدأ العالق برؤوسنا ونفهم أن الفن والأدب من ضروريات الشعوب وليسا كماليات يمكن العيش دونها.
أتريد أن تشاهد الإبداع في حتى في فن التظاهر؟ أنظر كيف يتظاهر الانجليز!
موضوع الإبداع يجرنا للحديث عن اللافتات والأعلام التي رفعها المتظاهرون، لفتت نظري بعض الأمور التي قد تكون مستغربة، أولا، ندرة هذه اللافتات والأعلام، كل المتواجدون في المسيرة سوى بضعهم المعدود آثروا رفع هواتفهم الذكية على رفع أي أعلام أو لافتات تعبر عن فكرهم أو توضح مطالباتهم، وحتى القلة القليلة من اللافتات مكتوبة إما بشكل مبهم أو بشكل مليء بالأخطاء اللغوية، والجدير بالملاحظة كذلك أن نسبة كبيرة من تلك اللافتات مكتوبة باللغة الإنجليزية.. وهذه خطوة عليها علامات استفهام وتعجب؟!
ماذا يعني أن تكون تسير بمسيرة تطالب فيها بالإصلاح في بلدك ولغة خطابك فيها أجنبية؟ هل رسالتك موجهة للغرب؟ هل تجد نفسك محتاجا للغرب أن يهب لمساعدتك للحصول على حقوقك؟ أم يفزع لحمايتك من خطر تحسه سيأتيك من الداخل؟ هل تحس بأنك وصلت لحالة من الضعف تجعلك تستنجد بالغريب ليعينك على القريب؟ وهل فقدت الأمل بذلك القريب وتقطعت بك السبل حتى وصلت لهذه المرحلة من اليأس؟ كيف تطالب بنظام ديموقراطي “كامل” تحكم فيه نفسك (وكأنك الآن يحكمك غريب) وأنت لا تستطيع أن توصل مطالبك دون واسطة الآخرين؟ وحتى إن كنت محقا في دعوتك الإفرنجية هذه… على الأقل أكتب مطالبك وعبر عن نفسك بالانجليزية بعد أن تراجع “البدليات” التي كتبتها!
الأعلام المحمولة قليلة كذلك وتراوحت بين أعلام الكويت.. والأعلام البرتقالية، أنا ضد حمل أعلام الكويت والهتافات “الوطنية” في المظاهرات والتجمعات على كل حال.
تقدير عدد الحشود
معضلتنا الدائمة هي حرب التصريحات بعد كل تجمع حول عدد الحضور، فتقديرات المنظمين تصفهم بمئات الآلاف.. وتقديرات الحكومة ببضع مئات! ووسائل الإعلام من ناحية أخرى تقدرهم بعد أن تلعب لعبة “حذره بذره”، بينما هناك نظريات علمية بسيطة يمكن استخدامها للحصول على تقديرات منطقية.
باستخدام إحدى النظريات الإحصائية وهي للدكتور هربرت جاكوبز يمكننا ببساطة وباستخدام أدوات مثل خرائط جوجل أن نقدر عدد الحشود عن طريق حساب مساحة التجمع، سأكتب كتبت عن تفاصيل هذه النظرية وغيرها من وسائل الإحصاء في هذا الموضوع، وسأترككم مع تقديري – المنطقي – ليس لعدد المجموعة التي كانت متواجدة قرب الأبراج بالضبط.. ولكن للسعة الاستيعابية لمكان التجمع، بمعنى آخر هذا الرقم هو أقصى عدد ممكن تواجده في المكان في وقت واحد، والرقم أقل بكثير كما نرى من الـ ٢٠٠ ألف التي قدرها بعض منظمي المسيرة (على فكرة، ٢٠٠ ألف يعني أقل قليلا من ربع الكويتيين!)
ملاحظات عابرة
فيما يلي مجموعة من المشاهد التي مرت علي ولا أستطيع أن أختم هذا المقال دون الإشارة لها أو التعليق عليها:
– أثار انتباهي استخدام بعض المنظمين للفظ “الحريم” عند حديثهم عن المجموعة النسائية، يعني “نطروا الحريم! وين الحريم؟ وصلوا الحريم؟ خففو السرعة علشان يلحقون الحريم!”
– تقسيم المجموعات في المسيرة كان لسبب ما حسب الدوائر الانتخابية، المجموعة التي بدأت المسير معها صدف أنها تجمع ناخبي الدائرتين الأولى والثالثة، من ضمن الأحاديث الجانبية الاستنكارية التي سمعتها قول أحدهم لصاحبه: “ألحين هذيل أكيد دائرة الأولى؟”
– من صيحات أحد المنظمين من المجموعة “المتحمسة” كانت صراخ إحدهم عليهم: “يالله شباب! الخامسة تناديكم!”
– سأكون شاعريا في هذه النقطة.. ولكني لم أستطع أن أخفي حرقة قلبي عندما اقترب التجمع من سور قصر دسمان وهم يهتفون “لن نسمح لك!” ، شعرت وكأن كلماتهم تلك قد يصل صداها إلى روح المرحوم جابر الأحمد التي تسمعهم من داخل قصره فتؤذيه!
– قبل خروج القوات الخاصة بقليل انتبهت لوجود تكتل بشري غير طبيعي ضمن الحشد السائر، وقفت معترضا سيرهم بكاميرتي (للحصول على لقطة “ووك باي”) لأكتشف بأن في قلب هذا التكتل يقف أحد النواب السابقين، متأبطا ذراع رجلين عن يمينه وشماله ويوزع الابتسامات والتلويحات يمنة ويسرة! ظهر بالتصوير واضحا لكني آثرت أن أخفي هوية هذا النائب السابق هنا أولا كي لا أعمل له دعاية، وثانيا حتى لا أتهم من أنصار هذا النائب وعشيرته بأني أستقصده شخصيا لا سمح الله.
– بعد أن بدأ ضرب القنابل الصوتية وتراجع الجموع إلى الوراء أحد التواجدين أخذ يصرخ بالمتراجعين غاضبا :”تعالوا!” ، ثم اقترب مني وهمس بصوت حان : “أي جريدة؟”
– وجود القوات الخاصة وتصرفاتهم ربما كانت مخيفة بالبداية، لكنها أثارت غضب وسخط الجماهير وكانت واضحة نظرات التحدي في عيونهم، لم يهرب الشباب من القوات الخاصة خوفا ولا جبنا ولا لضعف إيمان بقضيتهم (وإن كانوا لا يعرفون ما هي هذه القضية بالضبط)، لكنهم آثروا الانسحاب حفاظا على أرواحهم لأنهم مدركين بأن من يقف أمامهم لا يرحم كما علمتهم التجارب، كما أن هؤلاء الشباب باد عليهم الخير والطيبة ولم المح فيهم أي بادرة شر، طيلة المسيرة وهم فرحين مبتسمين بشوشين حريصين على بعضهم البعض. نعم هناك عيوب ومشاكل جمة صاحبت تنظيم وتنفيذ مسيرتهم، وأنا لم أكتب مقالي المطول هذا لأطعن بهم.. بل لأبين لهم ما وقعوا فيه من أخطاء علهم يتفادونها ويصلحونها، أخطاء بعضها بسيطة وأخرى فادحة، بعضها في أنفسهم التي عليهم إدراكها، وأخرى مفروضة عليهم وعليهم أن ينتبهوا لها.. والأمل معقود عليهم كي يصلحوها ولا ينقلوها لمن يأتي بعدهم من أجيال.
– مشهد التراجع الأخير كان محزنا بالفعل، الانكسار البادي على وجوه الشباب عبر لي عن خيبة أمل، والنظرات في عيونهم لم تخل من الحيرة، لا أدري مالذي كان هؤلاء الشباب يطمحون لتحقيقه، وبصراحة لا أعتقد بأن هناك أحد منهم يدري ما كان يريد أن يتحقق بنهاية هذه المسيرة، لكني متأكد بأن لا أحد منهم كان يأمل بأن تنتهي المسيرة بالشكل الذي انتهت فيه. أدبيات منظمي المسيرة ذكرت أنها تهدف لـ”استعادة سيادة الأمة المختطفة”، كيف ستحقق هذه المسيرة.. أو أي مسيرة أو تجمع أومهرجان أو ندوة هذا الهدف الكبير؟ بل كيف تستعاد سيادات الأمم عند خطفها؟ ألا يجب أن نعرف من هو الخاطف؟ ألا يجب أن ندرك إن كان بالإمكان خطف سيادة أمة أصلا؟ هناك العديد العديد من الأسئلة التي كان يجب أن تطرح وأن يجاب عليها قبل مجرد التفكير في تسيير المسيرة.
– أثناء مغادرتي المسيرة واجهت في طريقي بعض من “توهم يوصلون” المسيرة، يعني حتى مسيرة “كرامة” الوطن “يايينها” متأخرين ساعتين!
– كانت استراحتنا أنا وزوجتي بعد العناء الذي استمر ما يقارب الساعتين في ستاربكس دسمان، لم نكن وحدنا في المقهى فقد اصطبغ المكان باللون البرتقالي بعد توافد الجماهير المنسحبة إلى ملاذه 🙂
– تأكدت بعد هذه المهمة التصويرية بأن الكانون فايف دي مارك تو لا يعلى على أدائها بمثل هذه الظروف الصعبة، لكن من ناحية التشغيل كانت كابوسا حقيقيا! ضبط الصورة والصوت يدويا بالكامل أثناء مطاردة الحشود والهرب من النيران والقنابل أمر بغاية الصعوبة، بمعنى آخر… يبيلي كاميرة فيديو حقيقية جديدة 😀
– سيتم قريبا جدا إنتاج فلم تعليمي قصير حول التصوير الوثائقي من تقديم عذوب الشعيبي يتناول المسيرة كتطبيق عملي ويحتوي على العديد من الصور الجديدة من تصويرها.
شكرا لك على حضورك وتغطيتك .. بالمناسبه تصويرك رائع 😀
لكن لا أقبل شخصياً تلميحاتك بان المتظاهرين لايعون اهداف هذه المسيرة!
يا اخي العزيز، الشعب واعي اليوم أكثر من امس
ولكل منا اهدافه ومعتقداته الشخصيه، وله الحريه بالتعبير عنها كيفما شاء، سواء كانت بأهازيج ام غيرها.
عموماً حتى لو كانت تفتقر “للإبداع!” حسب ما ذكرت، فـ هي تعبر عنهم وعن مايريدون إيصاله
وأضيف من احدى الاهازيج:” واحد واحد والله واحد .. نرفض نرفض الصوت الواحد”
حتى وإن كانت بالنسبة لك غير إبداعيه فـ هي بالتأكيد تجسد هدفهم وهذا مالا افهمه من تناقضك!
هدفهم واضح اخي الكريم .. وأشكرك لوصفك الصادق لهم ولـ سلمية تحركاتهم .
شكرًا وما قصرت وأتطلع إلى صدور فلمك الوثائقي
اين صورة وليد الطبطبائي محتمي خلف زوجته؟ الله يحفظ الكويت انشاء الله , الله يكتب الي فيه الخير 🙄
ما علينا من شخصيات النواب، الأفضل لنا التركيز على شخصياتنا نحن
أنصحك بقراءة مقال: صورة النائب
http://www.moayad.com/me/?p=1476
أو إذا يعني مشتهي تشوف الدكتور وليد فتفضل:
http://www.moayad.com/me/?p=1609
العفو، إن شاء الله راح يكون فلم لكنه مازا في مرحلة التخطيط، يعني مطوله السالفة 🙂
إن كنت تقول: “نرفض نرفض الصوت الواحد” فهل تستطيع أن تناقشني بالسبب الذي يجعلك تتخذ موقف الرفض هذا؟ كم نسبة من يستطيع أن يدخل في هذا النقاش ممن ساهموا بالمسيرة؟ ولماذا موقع منظمي المسيرة لم يتطرق لهذا الهدف بوضوح وصراحة؟
كلامي عن الإبداع ليس مقتصرا على هتافات المسيرة، أنا لم أوردها هنا إلا كمثال على انخفاض المستوى الإبداعي بالمجتمع ككل وليس لدى شباب المسيرة، لم أوجه اللوم للشباب ولكني وجهته للنظام التعليمي الذي لم يعودنا على الإبداع ولا على الفكر الإبداعي، وهذا موضوع يطول شرحه 🙂
الحق يقال: بدت على المتظاهرين من كل التوجهات الروح السلمية والسعادة، والسؤال المطروح هو: هل الإحساس بالسعادة يأتي من إيمانهم بما يفعلون أم مجرد إحساس بنشوة عظيمة لاعتقادهم بأن الخروج والصراخ إنجاز بحد ذاته و أنهم استطاعوا كسر حاجز الخوف من الأب. تلك العقدة النفسية التي تلتصق معنا منذ الصغر لهيبة الأب والاضطهاد التربوي الذي يجعل “قلوبهم متروسة” وانصياعنا للأوامر الأبوية طوعا تارة وقسرا تارات؟
لو كان الأمر كذلك، فهذه مصيبة، لأن الإنجاز الفعلي لا يأتي بالصراخ والمسيرات، لو كان الأمر حقيقي فهذا مؤشر أن الشعب يعاني قلة إنجازات على المستوى الشخصي والعام.
شكرا لك لتحري الدقه في سرد الاحداث اثناء مسيرة ما يلقب نفسه بالمعارضه ( ان صح التعبير) وهذا من وجهة نظرك الحاده الممزوجه بالخبره العلميه.
أعذرني لتعبيري الركيك…
أولا, في الفقره الثانيه من ( مسيرتي) ذكرت بتعبيرك ” ان كان هناك هدف” ليس دفاعا عنهم و لكن أطلقت عليهم هذا الرأي هل الاعتقادك ان ليس لهم هدف, ام ان الهدف ليس واضح لك ام لهم؟
في سردك لتقسيمهم لمجموعتين . الاولى منظمه و هادئه و بها اطفال و الثانيه لها صوت عاي و فوضى و عدد أكبر, الا تعتقد برأيك انهم مجموعتين ليس لنفس الهدف حضورهم, و هنا أترك لك التعبير و الرد ما هو برأيك السبب.
و من فقرة ملاحظاتي, وصفت قوة الأمن و طريقتها بالتعامل مع هذا العدد و التجمهر, أعطاني شهور بالطمأنينه بمدى هيمنه قوة الامن و سيطرتها للأمن بطرق ذكية و ان كانت لاتعجب البعض. واضا هذا دليل على الحزم وهو المطلوب لهينة الدولة برأيي.
لي ملاحظه أخرى وهي بالنسبة لي تحليلك أخفق في سرد الدقه مقارقه بسردك لالأحداث التي شاهدتها أنت و حرمك المصون.
لأقد تأثرت كثيرا لما ذكرته بالاحداث عن قصر دسمان و روح المرحوم الشيخ جابر, نعم لقد استشعرت نفس الشيء, وا أسفاه لما حدث.
هذا رأيي بما كتبته بتلك الاسطر الجميله, و أطلب من الله أن يحفظ الكويت من الفوضى الحقد العابثين.
بالتوفيق دكتور مؤيد
د سلمى
لا مانع من مناقشتك، لكن الغريب بإنك لم تعي هدفهم 🙂
عموما، الصوت الواحد ارفضه رفضاً لا جدال فيه.. والسبب ينقسم لـ قسمين:
القسم الأول: تشريعياً ودستورياً لايجوز
ويمكنك الإطلاع على رأي مستشار الأمير عادل الطبطبائي والتأكد بنفسك ..
القسم الثاني”وهو هدف شخصي”: لا أقبل بأن يمثلني الجويهل ونبيل وغيرهم ممن رشحوا انفسهم بناءاً على الصوت الواحد:grin:
وهل هم جديرين بأن يمثلون أمة ؟!
احدهم يطالب بإباحة الخمر، وآخر يصف الكويتيين بالطراثيث!
أخي الكريم..
يبدو لي بأنك غير مطلع على الشأن السياسي نهائياً!
منظمي المسيرة وضحوا اهدافهم.. وهذا اقتباس من تغريدة لهم ويمكنك التأكد بنفسك
” .. بهدف التعبير السلمي عن تمسكهم بحق دستوري أصيل ”
وأخرى تقول:
” هذه المسيرة هي مظلة لكل من يسعى للحفاظ على هذا الوطن وصيانة المكتسبات الدستورية ”
واحد المشاركين بالمسيرة عبر عن رأيه حيث كتب:
” إقرار الصوت الواحد جعل الشعب يهتف بصوت واحد لا للعبث بالدستور، نعم لإحترام إرادة الأمة ”
وآخر ..
” للآمه المتمسكه بدستورها والرافضه للعبث بنصوصه رساله حق يجب ان تصل من اجل الكويت”
وهذا مايبرهن وعي المشاركين والمنظمين لأهدافهم !
قد تكون تلك فرحة التجمع لأجل التجمع، يعني لا شك أن أي تجمع “سلمي” يونس 🙂 بل حتى التجمع العنيف بعد أن ينتهي يحس المشارك فيه بسعادة.. سعادة الإنجاز وتكوين الذكريات
من ما لاحظت أنه أثناء إطلاق القوات الخاصة للقنابل الصوتية تصاعد مئات الأذرع حاملة الهواتف الذكية لتصور هذا الموقف الذي لا يتكرر كثيرا، الأمر أشبه بحضور حفل موسيقي للبعض 🙂
سواء كان هناك هدف أم لا فإن طريقة التعبير التي شاهدتها لم أستشعر بها هدف محدد، أغاني وطنية وشعارات مطالبة بالديموقراطية الكاملة وصيحات “لن نسمحلك!” … ما أدري ما المطلوب بالضبط، أو كيف كان من المفروض أن تنتهي هذه المسيرة؟ عند احتلال الثوار لميدان التحرير مثلا كان لديهم هدف واحد وهو إسقاط النظام، ولكن هل كانت هذه المسيرة ستستمر حتى يتراجع الأمير عن مرسوم الصوت الواحد؟ أم ستستمر حتى تتحقق “كرامة” المواطن؟ ما المقصود بالـ”كرامة”؟ هل مجرد الخروج بمسيرة سيحقق تلك “الكرامة”؟ أم هناك خطوات تالية لتلك المسيرة تسعى لتحقيق ذلك؟ إن كان الجواب أن الخطوة التالية لمسيرة “الكرامة” هي “فطور الكرامة” فلك عظمى المصائب!؟ طالما أن لا أحد يستطيع إجابة هذه الأسئلة فسيظل موقفي ثابتا بأن ليس لهذه المسيرة هدف.. مع العلم أن إجابات هذه الأسئلة كان يجب أن تكون جاهزة قبل المسيرة لا بعدها
بالنسبة لاختلاف أسلوب التعبير بين المجموعتين فهناك عدة أسباب برأيي، أولا الفارق العددي، المجموعة الثانية أكبر.. وبالتالي سيكلوجيا ستشعر بالقوة والحماس أكثر من المجموعة الأولى وسينعكس ذلك على طريقة تعبيرها، ثانيا الفارق الديموغرافي، فليس عيبا أن نقول أن المجموعة الأولى تحوي أبناء الدائرتين الأولى والثالثة.. أما المجموعة الثانية فأبناء الدائرة الخامسة! ثالثا، وقد لا يكون ذلك سببا مباشرا، المجموعة الثانية من ضمن صفوفها نائب سابق! قد يكون وجود جماعة هذا النائب حوله تأثير على روح “الفزعة” لديهم، رابعا، قد تكون الفوارق الاجتماعية بين المجموعتين أثرت على اندماجهما في البداية، لكنهما سرعان ما اندمجتا لاحقا بتأثير الجماعة.. لا أعرف كيف أفسر ذلك لأن الأمر يحتاج إلى مختصين في علم سلوك الجماعات وأنا لست مختصا بذلك
بالنسبة لرجال الأمن.. فعلي أن أعترف بأني داخليا كنت فخورا بطريقة تصرفهم من الناحية الاحترافية، بعيدا عن البعد الإنساني الذي يجعلني أتعاطف مع الشباب المسالمين العزل فإن الخطة الأمنية التي اتبعتها وزارة الداخلية والتنسيق بين أجهزتها شيء بالفعل مثير للإعجاب.. خاصة عند الأخذ بالاعتبار أعدادهم القليلة مقارنة بأعداد المتظاهرين، تفريق هذا العدد الهائل من المتظاهرين مع إحداث هذا القدر البسيط من الإصابات بين الطرفين يعتبر إنجازا برأيي، لو كانت مظاهرة بهذا العدد قد خرجت بإحدى الدول العربية فما كنت لأستغرب لو كانت حصيلة قمعها وتفريقها سقوط بعض الشهداء !!؟
لم أفهم ما قصدك بإخفاق دقة السرد مقارنة بمشاهدتي مع حرمي المصون؟ ما علاقة زوجتي بالأمر؟
شكرا جزيلا، لقد اتضحت لي بعض النقاط. كنت اقول لك اعذرني على اسلوبي الركيك في التعبير، و ما قصدته من ذكر حرمكم المصون، هو القصد ان لا انسى ان اذكر دورها في انجاح مهمتك الصعبه و نا عانته هي معك من صعوبات و مخاطر في مساعدتك بتدوين الملاحظات. شكراً لها ولك.
ايظا توقعت ان يكون هناك تحليل ديقيق اكثر لكي سيتنتج القارئ او المشاهد النقطه او الرساله التي تود توصيلها. تحتاج الى شرح اكثر و تحليل للاحداث و ذلك للتاريخ.
أعجز ان ابدي شكري لكم جميعا كفريق متعاون انتم الاثنين.
اتمنى ان اكون توفقت بالشرح
شكراً👍👍
“التمسك بالحق الدستوري” وصيانية المكتسبات الدستورية” و “احترام إرادة الأمة” و “رفض العبث بالدستور” هذه كلها لا تسمى أهدافا بل شعارات
من ما يعلم في دورات التخطيط هو التفريق بين الهدف والرؤية، تلك الشعارات التي أوردتها أعلاه هي رؤى وليست أهدافا، الرؤية هي طموح عام يهدف الوصول له على المدى الطويل وتكون غاية ما توصل له الأهداف، أما الهدف فعلى خلاف الرؤية يكون محددا بدقة وليس عاما وعائما
لتحقيق الرؤية يجب وضع العديد من الأهداف الصغيرة بعدة مجالات تصب كلها في صالح تلك الرؤية، الأهداف كما قلت تكون واضحة ودقيقة وممكنة التحقيق خلال فترة زمنية محددة، وقد يكون تحقيق هدف واحد يحتاج للعديد من الخطوات الصغيرة من أجل تحقيقه
مثال:
أن تقول.. أريد أن أعيش سعيدا، فتلك رؤية
لتصل لتلك الرؤية عليك أن تضع أهدافا توصلك لها في عدة مجالات، مثلا بالجانب الروحاني تقول: هدفي أن أحفظ القرآن الكريم كاملا، الآن لتحقيق هذا الهدف الكبير تضع خططا أصغر كأن تقول: سأحفظ كل ثلاثة شهور جزءا من القرآن. ثم تنتقل للجانب العلمي فتضع هدفا كالحصول على درجة الماجستير، لتحقيق هذا الهدف تضع خطة أدق كأن تقول: سأراسل الجامعات للحصول على القبول، ثم أدرس كورس لغة، ثم أسعى للحصول على تفرغ دراسي.. وهكذا
التمسك بالحق الدستوري مثلا رؤية كبيرة، لتحقيقها يجب أن نضع أهدافا أصغر، أحد هذه الأهداف مثلا تختص بالجانب الإعلامي، فتضع هدفا إعلاميا مثل: توعية الشعب بحقوقه الدستورية، الآن لتحقيق هدف التوعية تضع أهدافا أصغر تصب في صالح هذا الهدف الكبير، لنقل تنظيم مسيرة، هدف هذه المسيرة يجب أن يتوافق مع ذلك الهدف الأكبر الذي وضعته (التوعية) والذي يصب في صالح الرؤية العامة (التمسك بالحق الدستوري)، لا يمكنك أن تقفز من خطوة صغيرة إلى الرؤية العامة مباشرة… يعنى لا تستطيع أن تقول: سأحصل على تفرغ دراسي لأني أريد أن أعيش سعيدا!!
الآن، هل وضع منظمو المسيرة هذه الرؤية والأهداف الموصلة لها؟ هل هناك أهداف أخرى في مجالات متعددة أخرى تصب في صالح تحقيق رؤية التمسك بالحق الدستوري؟ هل هناك بالإضافة جانب اجتماعي وثقافي واقتصادي؟ من خلال عشوائية ما أرى من تحركات فلا أظن أن أحدا أتعب نفسه للقيام بذلك! يعني تكفه… بعد مسيرة الكرامة.. “فطور” الكرامة!؟
لا تقل إني أعقد الأمور أكثر من اللازم… هذا الخطوات التي ذكرتها “يجب” أن تتحقق إن كان العمل بالفعل جادا، هناك مقولة شهيرة تقول : “إن لم تكن خططت للنجاح فقد خططت للفشل!” ، أنصحك وبشدة إن تقرأ أو تستمع لبرنامج “خطط لحياتك” للدكتور صلاح الراشد.. أو لغيره من المختصين
—-
الصوت الواحد:
هذا الموضوع يحتاج لمقال منفصل لكي أفصل بمميزاته وعيوبه، لكن للرد على النقاط التي ذكرتها:
أولا: هناك آراء دستورية مختلفة في ذلك، لا نستطيع أن نأخذ رأيا واحدا نعتبره الجواب النهائي لقضية معقدة مثل هذه، فمن خلال السوابق النيابية نجد أن مراسيم مشابهة أقرت من قبل دون مشاكل.. كانت حلال بالسابق وأصبحت الآن حراما؟! وعلى كل حال من يفصل بالمواضيع الدستورية الخلافية هو القضاء وليس الشارع
ثانيا: ليس من حقك أن ترفض أن يمثلك أحد! لو اختارت الأمة أن يمثلها بالبرلمان “رقاصة” فلا يحق لأحد أن يعترض طالما أن الأمر تم عبر الاقتراع الحر وبالوسائل الدستورية والقانونية، وأنا هنا لا أرى علاقة بين الصوت الواحد وبين تمثيل الجويهل والفضل، لا أفهم كيف يظن معارضوا التعديل الدستوري أن غالبية الشعب يؤيد مطالبهم ثم يخافون – بتأثير الصوت الواحد – أن يخسرو الانتخابات بسبب هذا العضو أو ذاك، وإن أردت رأيي فكما أرى أعضاء “الهبه” من أمثال الجويهل والفضل لم ينجحوا من قبل إلا “بسبب” الأصوات الأربع!!؟
قريبا جدا سيكون هناك فيديو خاص بزوجتي تتحدث فيه عن تجربتها الخاصة إن شاء الله، وسيكون الفيديو على موقعها الخاص
هذا المقال عبارة عن أكثر من ٣ آلاف كلمة، يعني إن قدم كمقال علمي ممكن يتم رفضه لأنه أطول من اللازم 🙂 على كل حال الحديث بهذا الموضوع لم ينته بعد، كتبت من قبله مقال “المراسيم” وسأتبعه بمقال عن “إحصاء الحشود”.. وربما يكون هناك غيرهم
المراسيم:
http://www.moayad.com/me/?p=1635